الأخ روفينو(استقبال)

الفصل الخامس: الصلاة والليترجيا

تسجيل الفصل على شكل21x29,7 cm

Moïse سيكشف لنا خطاب يسوع المسيح عن خبز الحياة الذي تلاه في معبد كفرناحيم عن أكبر أسرار الله المقدّسة : الإفخارستيا. بعدها، سيقودنا القدّيس فرنسيس على خطى الصّلاة والتّأمّل، كما سبق له أن فعل مع الأخ برناردو أو الأخ ليون. أخيراً، ستنقل لنا دراسة البند ۸ من قاعدتنا كيف كان يسوع العابد الحقيقي للآب.

  • 0

Jésus-Christ multiplication des pains

أنا خبز الحياة

نحن في معبد كفرناحوم. منذ بضع ساعات للتوّ، ضاعف المسيح الخبز على الجبل. والآن يؤكّد هذه الحقيقة : " <أنا خبز الحياة ". هذه العبارة، التي لم تجمع آراء الذين سمعوها، خلقت فضيحة كبرى بين السّامعين. ولا نظنن أنّ فقط المعتابين المعتادين قد صُدموا بهذه العبارة الصّعبة الفهم والإستعاب. طبعاً نستطيع القول أنّ هؤلاء الآخرين ينتقدون ويعارضون، كعادتهم؛ لكن كان هناك معارضة بين التّلاميذ حتّى ومنذ تلك الّلحظة هجره الكثيرين. بعد عدّة عصور، إنّ الإفخارستيا، كما الصّليب، هي سرّ تتجاوز ذكائنا البشري إلى درجة عالية بحيث يتابع أن يكون حجر عثرة بين البشر. لكن كما نستطيع الشّك، يجب تقبّل هذه الكلمة على الصّعيد الرّوحي... * النّص التّالي مؤلّف من مسخرجات م ف، الجزء ٥ ص.٢٨٧ إلى ٢٩٧

إبحثوا عن تزويدكم الطّعام الذي يدوم للحياة الأبديّة

بدأ يسوع كلامه :" الحقّ، أقول لكم : أنتم تبحثون عنّي، ليس من أجل سماعي وليس من أجل العجائب التي رأيتموها، لكن من أجل هذا الخبز الذي أعطيتكم إيّاه للأكل حتّى الشّبع ودون مقابل. لهذا يبحث معظمكم عنّي، وأيضاً بدافع الحشريّة. يبغي الشّعور المدنّس الأشياء الرّائعة بمجرّد تحريكه والشّعور بالإرتعاش الذي يعجبه. تريد الحساسيّة إرضائنا دون جهد شراهة الخبز الذي لم يُكلّف عناءً، بما أنّ الله أعطاه بطيبة. إذاً الذي ينقص، ويجب البحث عنه، هو الرّوح الفوطبيعية.
هبات الله ليست العاديّة، هي الخارقة. لا يجب الإدّعاء، ولا التّكاسل بالقول :" سيعطيني الله". لقد قيل:" ستأكل خبزكَ بعرق جبينكَ أي الخبز الناّتج من خلال العمل". إذا قال الذي هو رحمة :" إنّي أشفق على هذا الجمع الذي يتبعني منذ ثلاثة أيّام وليس لديهم ما يأكلونه وبإمكانهم الوقوع على الأرض"، لا يجب إتّباعه لهذا السّبب. ليس من أجل الطّعام الذي يملاْ البطن تتبعوني، بل الذي يغذّي الرّوح. لأنّكم أنتم الرّوح ! هذا ما أنتم ! الجسد هو الملبس، الكائن هو الرّوح. هي الخالدة. الجسد، كما هو الملبس، يُستعمل ويفنى؛ لا يستحقّ الإهتمام به كما لو كان الكمال الّذي يجب الإعتناء به.
إذاً إبحثوا عن الّذي تحتاجون إليه، لا عن الّذي ما هو بلا فائدة. إبحثوا لا للطّعام الفاني ، بل للطّعام الباقي للحياة الأبديّة. هذا الطّعام، سيعطيكم إيّاه ابن الإنسان دوماً، متى أردتم. إذا لديكم الطّعام الذّي لا يفنى، يمكنكم انجاز أعمال الله، إذ إنّكم تتغذوّن من طعام الله."
أجاب الجمع :" ماذا نصنع حتّى نعمل أعمال الله ؟ "

إذا لم يكن لأحدٍ إيماناً، لا يمكنه أن يعترف بأقوالي

تابع يسوع :" هذا صحيح. أنتم تتبعون القانون، أو بالأحرى تعرفون القانون. لكن معرفة القانون هي غير تطبيقه. نحن نعلم، مثلاً، قوانين روما لكنّ الإسرائيلي المؤمن لا يُطبّقها إلاّ في الصّيغ المفروضة عليه من قبل وضعه الحالي. المفترض من القانون الّذي تعرفونه والأنبياء تغذيتكم من الله وإعطائكم بالتّالي القدرة لإنجاز أعمال الله. و للوصول إلى ذلك، يجب أن تصبح واحدة معكم، مثل الهواء الّذي تتنفّسونه والطّعام الّذي تأكلونه، اللذان يتحوّلان كليهما إلى حياة ودم. هذا ما جئتُ أُعلّمكم وإعطائكم إيّاه : الغذاء، الهواء، القانون والأنبياء، لإعادة الدّم والتّنفّس لأرواحكم التي تموت من الجوع والإختناق. أنتم تشبهون أولاداً جعلهم المرض جاهلين ما الّذي يُغذّيهم. لديكم حاجاتكم من الطّعام، لكنّكم لا تعلمون أنّها يجب أن تؤكل لتتحوّل إلى شيء حيٍّ، وتصبح حقّاً لكم، من خلال إخلاص حقيقيّ وطاهر لقانون الله الّذي تكلّم لموسى والأنبياء لأجلكم جميعاً. المجيء إليّ للحصول على هواء وطعام الحياة الأبديّة، هو واجب. لكنّ هذا الواجب يتطلّب منكم إيماناً. لأنّ إذا لم يكن لأحدٍ إيماناً، لا يمكن أن يعترف بأقوالي وإذا لم يؤمن، لن يأتي إليّ قائلاً :" أعطني الخبز الحقيقيّ". وإن لم يكن لديه الخبز الحقيقيّ،لا يمكنه انجاز أعمال الله إذ ليس لديه القدرة لفعلها. وبالتّالي، للإغتذاء بالله وانجاز أعماله، من الضّروريّ الإيمان بالّذي أرسله الله."
غير راضين، أجاب الآخرون :" لكن، أين هي المعجزات التي فعلتها، لنتمكّن من خلالها الإيمان بكَ كمرسل من الله ورؤية فيكَ ختم الله ؟ ما الّذي تفعله حتّى الآن، على مثال أبسط، الّذي لم يفعله الأنبياء قبلاً ؟ فموسى قد سبقكَ إذ أنّه أطعم، لامرّة واحدة بل أربعين مرّة آباءنا في الصّحراء، المنّ وقد قيل بالتّالي أن موسى أطعمهم الخبز الآتي من السّماء."

ليس موسى الّذي أعطاكم خبز السّماء، بل الآب

"أنتم مخطئون. ليس موسى، بل الله القادر على فعل هذا. ونقرأ في سفر الخروج :"ها أنا ممطر لكم خبزاً من السّماء فليخرج القوم ليلتقطوه طعام كلّ يوم في يومه لكي أمتحنهم أيسلكون في شريعتي أم لا. فإذا كان اليوم السّادس فلُيعدّوا ما يأتون به وليكن ضعف ما يلتقطونه في كلّ يوم احتراماً لليوم السّابع، السّبت. إذاً ليس موسى الّذي أمدّ بالمنّ بل الله. الله القادر على كلّ شيء. كلّ شيء.
وتذكّرواجيّداً ما يقوله سفر الحكمة : بما أنّ هذا الخبز مرسل من السّماء، من الله، يتضمّن كلّ لذّة ويلائم كلّ ذوق. يخدم شهوة المتناول ويتحوّل إلى ما شاء كلّ واحد، فعّالاً للمعدة الصّغيرة الغيرالكاملة، كما للبالغ ذي الشهيّة والإنهضام النّشيطين، وأيضاً للفتاة الحسّاسة والعجوزالفانٍ.
مجّدوا الخالق منذ ساعات الفجر الأولى، هذا ما علّمته المنّى للعبرانيين، وأنا، أُذكّركم إيّاه لأنّه واجب يدوم وسيدوم إلى آخر العصور. إبحثوا عن الله وعن هباته السّماويّة، دون تكاسل حتّى ساعات النّهار المتأخّرة أو الحياة. إستيقظوا لتمجيده حتّى قبل أن تمجّده الشّمس المشرقة، وتغذّوا بأقواله الّتي تقدّس تصون وتؤدّي إلى الحياة الحقيقيّة. ليس موسى من أعطاكم خبز السّماء لكن، في الحقيقة، إنّ من الّذي أعطاكم إيّاه، هو الله الآب. والآن، في الحقيقة، إنّ أبي هو من يُعطيكم الخبز الحقيقيّ، الخبز الجديد، الخبز الخالد الّذي ينزل من السّماء، خبز الرّحمة، خبز الحياة، الخبز الّذي يهب الحياة للعالم، الخبز الّذي يُشبع كلّ جوع ويمحي كلّ ذبول، الخبز الّذي يُعطي الحياة الأبديّة للذّي يتناوله والفرح الدّائم"
أعطنا، يا ربّ، من هذا الخبز لكي لا نهلك."
"ستموتون كما يموت كلّ إنسان، لكنّكم ستحييون للحياة الأبديّة، إذا تناولتم بتقوى من هذا الخبز، لأنّ من يتناوله يُصبح غير قابلٍ للفساد.أمّا بالنّسبة لكم، فسيُعطى للّذين يطلبونه من الآب بقلبٍ طاهرٍ، ونيّة صالحة، واحسان مقدّس. من أجل هذا، أُعلّمكم أن تقولوا :" أعطنا خبزنا كفاف يومنا". لكن بالنّسبة للّذين يتغذّون دون استحقاق، سيتحوّل هذا الخبزإلى تجمهر دود جهنّم، مثل سلال المنّ المحتفظة ضدّ الأمرالمُتلقّى. وسيصبح خبز الصّحة والحياة هذا، لهم، الموت والإعدام. إذ إنّ أكبر تدنيس سيُرتكب من قبل الّذين يضعون هذا الخبز على طاولة روحيّة فاسدة نتنة ويُدنّسونه بمزجه لبورة شهواتهم المتعذّرة شفائها. الأفضل لهم بأن لا يتناولونه أبداً!"
"لكن أين هو هذا الخبز ؟ كيف نجدَه ؟ ما هو اسمه ؟"

أنا، هو خبز الحياة

"أنا هو خبز الحياة. تجدونه فيّ أنا. اسمه يسوع. الّذي يأتي إليّ لن يجوع أبداً، الّذي يؤمن بي، لن يعطشَ أبداً، لأنّ الأنهر السّماويّة ستتدفّق فيه، مطفئةً كلّ احتدام ماديّ. لن أطرُدَ الّذي يأتي َ إليّ، لأنّي نزلتُ من السّماء لكي أُتمّمَ، ليس مشيئتي ، بل مشيئة الّذي أرسلني. وها هي مشيئة أبي، الآب الّذي أرسلني :أن لا أُتلفَ من كلّ ما أعطاني شيئاً لكنّي أُقيمه في اليوم الأخير".
"لكن من الّذي قد سَمِعَ الله أو رأى وجهه ؟ سأل الكثيرون الّذين بدأوا يُظهرون علامات التّعجّب والفضيحة. وأنهوا بالقول : أنتَ تَهذي أوتتوهّم."
"لا أحداً رأى الآب سوى الّذي من هو من الله. الّذي قد رأى الله هو أنا. وألآن اسمعوا قانون إيمان الحياة المستقبليّة الّذي بدونه لا نخلص : الحقّ، الحقّ أقول لكم إنّ الّذي يؤمن بي له الحياة الأبديّة. الحقّ، الحقّ أقول لكم أنا هو خبز الحياة الأبديّة.
آباؤكم، في الصّحراء، أكلوا المنّ وماتوا، إذ إنّ المنّ كانت الطّعام المقدّس ولكن زمنيّ وتُعطي لحية كلّما دعت الحاجة للوصول إلى الأرض الموعودة من الله لشعبه. لكنّ المنّ الّذي سأعطيه أنا لن يكون لديه حدوداً للوقت ولا للسّلطة. ليس فقط، هي سماويّة، لكن هي إلآهيّة، وتُعطي ما هو إلآهي : الافساديّة، الخلود من الّذي خلقه الله على صورته وشبهه. لن تدوم أربعين يوماً، أربعين شهراً، أربعين سنةً، أربعين عصراً. ستدوم طالما يدوم الزّمن، وستُعطى لكلّ من له جوعاً مقدّساً وصالحاً لله، الّذي سيفرحُ بإعطائها دون حدود للبشر الّذي تجسّد من أجلهم ليكون لهم الحياة الّتي لا تموت.
"أنا، بإمكاني أن أُعطى، بإمكاني الإستحالة محبّةً للبشر، بحيث يُصبح الخبز جسداً والجسد خبزاً، لجوع البشر الرّوحي الّذي بدون هذا الغذاء يموت من الجوع ومن الأمراض الرّوحيّة. لكن إذا تناول أحداً من هذا الخبز بنزاهة، سيعيش إل الأبد. سيكون هذا الخبز الّذي سأعطيه، جسدي الممزوج لحياة العالم ؛ سيكون محبّتي المنتشرة في بيوت الله لكي يأتي إل مائدة الله الّذين هم محبّين أو تعساء وسيجدون الرّاحة لحاجتهم بالإمتزاج بالله وعزاءً لعذابهم."
"لكن كيف يُمكنكَ أن تُعطينا جسدَكَ لنأكله ؟ من تحسبنا ؟ حيوانات دمويّة ؟ وحوشاً ؟ مجرمين ؟ لدينا نفورللدّم والجريمة."

إذا لم تتناولوا جسد ابن الله ولم تشربوا من دمه، لن تكون فيكم الحياة

"الحقّ، الحقّ أقول لكم أنّ الإنسان هو عدّة مرّات أكثر وحشاً من الحيوان المفترس وأنّ الخطيئة تجعله متوحّشاً أكثر، وأنّ الكبرياء يُعطيه عطشاً إجراميّاً، ولن ينفر الدّم والجريمة جميع الموجدين هنا.
"الحقّ، الحقّ أقول لكم إن لم تأكلوا جسد ابن البشر وتشربوا دمه، فلا حياة لكم في أنفسكم. من يأكل جسدي ويشرب فله الحياة الأبديّة وأنا أُقيمه في اليوم الأخير. لأنّ جسدي هو مأكل حقيقيّ ودمي هو مشرب حقيقيّ. من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبتُ فيّ وأنا فيه. كما أرسلني الآب الحيّ، وأنا أحيا بالآب فالّذي يأكلني يحيا هو أيضاً بي ويذهب حيث ما أرسله، ويعمل بمشيئتي وسيعيش بتقشّف كإنسان، وسيكون حام كساروفيم، وسيكون قدّيساً، لأنّ من أجل تناول جسدي ودمي، سيمتنع عن الخطايا وسيعيش بجلٍّ لينهي صعوده أمام الخالد."
"إنّ هذا لجنونٍ ! من يستطيع العيش هكذا ؟ في ديانتنا، على الكاهن فقط أن يُطهّر ليقدّم التّضحية. هو يُريد هنا أن يجعل منّا ضحايا لجنونه. هذه العقيدة قاسية جدّاً وهذا الكلام صعباً جدّاً. من يستطيع سماعه وتطبيقه ؟" همس الحاضرون والعديد منهم هم تلاميذاً معروفين.
تفرّق الجمهور وهم يعلّقون على هذا الموضوع. فقط بقي المعلّم في المعبد والمؤمنين الأوفياء.

بماذا سمعتم وفهمتم ؟

وأنتم، هل تشكّكون بما قلته لكم؟ وإن قلتُ لكم أنّكم سترون يوماً ابن الله صاعداً إلى حيث كان أوّلاً وجالساً قرب الآب ؟ وماذا فهمتم، استوعبتم، وآمنتم، حتّى الآن ؟ وبماذا استمعتم وفهمتم ؟ فقط بالّذي هو إنسانيّ ؟ إنّ الرّوح هو الّذي يحيي وأمّا اللحم فلا يفيد شيئاً. كلماتي هي روح وحياة، ويجب الإستماع إليها بالرّوح وفهمها للحصول على الحياة. وهناك العديد منكم روحهم ميتة لأنّهم بلا إيمان. الكثير منكم لا يؤمن حقّاً، فلا داعي لوجودهم قربي. لن يحصلوا على الحياة، بل على الموت. لأنّهم يبقون، كما سبق وقلتُ، بدافع الحشريّة أو الرّغبة الإنسانيّة، أو أسوءً، من أجل غايات مشينة أكثر. لم يقدموا إلى هنا من قبل الآب عوضاً عن نيّتهم الصّالحة، بل من قبل الشّيطان. لا أحد، في الحقيقة، يقدر أن يُقبل إليّ، ما لم يُعطَ له ذلك من أبي. إذهبوا انتم أيضاً، ألّذين تخجلون بهجري إنسانيّاً، ولكنّكم تخجلون أكثر بالبقاء في خدمة شخص تظنّون أنّه" مجنوناً وقاسيا".ً
بعدها، ترك الكثيرون جماعة التّلاميذ. في المعبد، هناك الآن يسوع، رئيس الكهنة، والتّلاميذ...

إنّ كلام الحياة الأبديّة هو عندكَ

استدار يسوع نحو تلاميذه، الّذين، مذلولين، بقيوا في زاوية، وقال لهم :" أنتم أيضاً تريدون أن تمضوا ؟" قال هذا دون فظاظة وحزن. لكن بكثير من الجديّة.
أجاب بطرس بحماسة مؤلمة :" يا ربّ، إلى من نذهب ؟ أنتَ حياتنا ومحبّتنا. إنّ كلام الحياة الأبديّة هو عندكَ. نحن عرفنا أنّكَ أنتَ المسيح ابن الله."

آمين

إنّ جواب بطرس هو إعلان إيمان رائع، رغم تهيّئه بعدم فهمه ما قاله المسيح. بالفعل، في إعلانه لإيمانه، لا يقول بطرس فقط من هو، في هذه الّلحظة، بل ما الّذي يتخطّاه : "أعلمُ أنّ بتناول جسدكَ وشرب دمكَ، أحصلُ على الحياة الأبديّة." لا، لكنّه يُعلن ببساطة أكثر :" أنتَ حياتنا ومحبّتنا. إنّ كلام الحياة الأبديّة هو عندكَ. نحن عرفنا أنّكَ أنتَ المسيح، ابن الله."
لنعتبر أنّ في وقت المناولة، عندما يقدّم الكاهن القربان المقدّس للمؤمن قائلاً : "جسد المسيح" ويجيب المؤمن:"آمين"، هذا الآمين هو ربّما قبل كلّ شيء العبارة نفسها لإيمان بطرس، الإعتراف بصغرنا مقارنةً من الّذي قد أعطانا الحياة * هذه الدّعوة إلى الحياة الأبديّة تفوق الطّبيعة. وهي خاضعة تماماً مبادرة الله المجّانيّة، لأنّه وحده يستطيع إظهار ذاته وإعطاءها. وهي تسمو على ما عند البشر، بل كلّ خليقة، من إمكانات الإدراك وقوى الإرادة. ت م ك ك ١٩٩٨ . آمين هي الكلمة العبريّة التي تعني" أؤمن" * في العبريّة، ترتبط كلمة آمين بالجذر نفسه الّذي ترتبط به كلمة "آمن". ويعبّر هذا الجذر عن الثّبات والثّقة والأمانة. ت م ك ك١٠٦٢ . نعم : أؤمن بأن جسد المسيح قُدّمَ إليّ وليس كذلك مجرّد قطعة خبز * في صلاة الإستدعاء تطلب الكنيسة إلى الآب أن يُرسل روحه القدّوس على الخبز والخمر، ليتحوّلا، بقدرته، إلى جسد يسوع المسيح ودمه وليصير المشتركون في الإفخاررستيّا جسداً . نعم، أؤمن أنّ من خلال جسد المسيح، يُقدّس الله العالم * واحداً وروحاً واحداً. في رواية الحدث التّأسيسي لإفخارستيّا، تتّحد قوّة كلمات المسيح وعمله وقدرة الرّوح القدس لتجعلا من جسد المسيح ودمه، ومن الذّبيحة الّتي قرّب فيها المسح ذاته على الصّليب دفعة واحدة، حقيقة سرّيّة مائلة في أشكال الخبز والخمر.ت م ك ك١٣٥٣.

يسعى التّقدّم الرّوحي إلى اتّحاد بالمسيح يزداد أبداً أُلفة. هذا الإتّحتد يُدعى سرّيّاً، لأنّه يشارك في سرّ المسيح بواسطة الأسرار-" الأسرار المقدّسة"- وفي المسيح يشارك في سرّ الثّالوث . نعم، أؤمن أنّ من الرّوح القدس، تصبح الإفخارستيا قمّة العبادة * الأقدس. فالله يدعونا جميعاً إلى هذه الوحدة الأليفة معه، وإن لم تُمنح نعم خاصّة بهذه الحياة السّريّة، أو علامات خارقة لها، إلاّ لبعض النّاس لإظهار العطيّة المجانيّة الممنوحة للكلّ.ت م ك ك٢٠١٤.
و العبادة هي مجموعة الأفعال الّتي من خلالها تُكرّم حياة جماعية بشرية آلهتها وتُحي العلاقات معها. نُنَمّي العلاقة مع الله كما نُنَنّي صداقة: نراعي الآلهيّة لنفسها ونظراً لخيراتها.العبادة، هي الجزء البشري من الّليتورجيّا : مجتمع البشر، حريص لإبقاء العلاقة مع الله. جزء بشري كبير، عندما تكون ذي منفعة فتتعرّض لإنحراف نحو الشّعوذة؛ جزء حقيقي وصالح عندما تكون، بالفعل، النّعم البشري لملاقاة الله.
ألّتي يُمجّد البشر المسيح، و من خلالها، الآب. أجل، أؤمن بأنّ هذه المناولة تحقق وحدة شعب الله * فإنّا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد لأنّا جميعاً نشترك في الخبز الواحد. ١ كو١٠ ١٧. .

هل الرّسل هم الوحيدون المستفيدون من الإفخارستيّا ؟

"خذوا كلوا... خذوا واشربوا". لكن ليلة خميس الأسرار، لم نكن نحن، هناك، في أورشليم. ألم تتوجّه البشرى التّي قد أعلنها يسوع في معبد كفرناحوم فقط إلى الّذين سيتواجدون في إقامة العشاء السّرّي، ليلة خميس الأسرار الشّهير؟ طبعاً لا! لقد جاء يسوع ليخلّص البشر، وهو يعلنه في المعبد، محدّداً لنا أنّ وعد الحياة الأبديّة لا يتوجّه فقط إلى حفنةٍ من النّاس بل للبشريّة كلّها :" أنا الخبز الحيّ الّذي نزل من السّماء. إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد. والخبز الّذي سأعطيه أنا، هو جسدي لحياة العالم"(يو ٥ ٥١). أجل! هذا فعلاً لحياة العالم أجمع. إذاً، أليست الكلمات الّتي يلفظها الكاهن، لحظة التّكريس، تذكيراً بسيطاً للّتي لفظها يسوع المسيح والّتي لن تُعطِ أيّة فعلٍ للأصناف الموجودة على المذبح، فهذه الأخيرة صُغّرت لتكون مجرّد رموزاً. من خلال الكلمات المكرّسة وتدخل روح القدس، يُصبح الخبز جسد المسيح والنّبيذ دماً. هو يظهر في هذا الكأس من خلال نوعيّة الدّم المسكوب، ولذلك هو يختم العهد الحقيقيّ بين الله ونحن. كان العهد القديم حقيقيةً، لكنّه كان خاصّةً وجهاً قيّماً لعهد الجديد النّهائيّ. هذا الدّم المسكوب خلال تضحية آلام هي بالنّسبة لنا مصدر كلّ الخيرات، مغفرة الخطايا، النّعمة الآهيّة، الفضائل الفوطبيعيّة، الأفعال المشكورة والمجد الخالد. هذا التّحالف هو بالظّبط عهد يسوع الّذي سيموت ويُعطي دمه. منذ سفر الخروج، يتناول جميع بني إسرائيل حملاً يذكّرهم بالّذي تناوله آبائهم للهروب من الجوع الّذي كان يُهدّدهم، وإنّ الأجيال المسيحيّة مدعوّة لتناول جسد الحمل الإلهي وشرب دمه. من أجل هذا، يجب إستمراريّة الإكليروس والعمل لذكرى يسوع، كهنوت مشتركون مع المسيح،كاهن حسب رهبانيّة مليكصادق * Librairie LECOFFRE J. GABALDA et cie Editeurs 1993, Synopse des quatre Evangiles en Français, Lagrange et Lavergne, p 221,note259 ".

إنّ "كميّة "الخبز والخمر هي بلا حدود

محبّة الله هي دون حدود. لذا، ألا يُفترض بنا البحث عن مقارنة وزن القرابين وعدد ليترات الخمر الّتي اسُهلِكت منذ تأسيس الإفخارستيّا من قبل يسوع المسيح ومقاربتها لوزن إنسان. يُظهر لنا مقطع إنجيل مضاعفة الخبز * أولى تكاثر الخبز في متى ١٤ ١٣-٢١، لو٩ ١٠-١٧، مر٦ ٣١-٤٤، يو٦ ١-١٤. ثاني تكاثر للخبز في متى١٥ ٣٢-٣٩ و مر٨ ١-٩. عن القوّة الإلهيّة الّتي تُنجزُ ما لم تقدر عليه طبيعة البشر البسيطة.
عندما جاء المساء، دنا التّلاميذ من يسوع وقالوا له : "أصرف الجموع : ليذهبوا إلى القرى ويبتاعوا لهم طعاماً !" فقال لهم يسوع :" لا حاجة إلى ذهابهم. أعطوهم أنتم ليأكلوا." أجاب التّلاميذ أنّهم لا يملكون ماديّاً لإطعام هكذا حشد ؛ بالفعل، هناك خمسة آلاف شخصٍ دون النّساء والأطفال. قال التّلاميذ : "ما عندنا ههنا إلاّ خمسة أرغفة وسمكتان". بمعنى آخر، مستحيل إطعام هذه الجموع.
لكن ما هو مستحيل للإنسان هو مستطاع لله. وبعد أن طلب يسوع من التّلاميذ بإعطائه ما عندهم، أخذ الخمسة الأرغفة والسمكتين وكما سيفعل ليلة خميس الأسرار، نظر إلى السّماء وبارك؛ كسر الخبز، وأعطى التّلاميذ الّذين أعطوا للجموع. فأكلوا جميعاً حتّى الشّبع. ولإظهار أنّ مضاعفة الخبز لا تنحصر فقط على الحاضرين، رفعوا ما فضل من الكسر إثني عشر قفّة مملوءة، بقدرعدد الرّسل. هؤلاء الرّسل، مساعدو الكهنة، مهمّتهم توزيع الإفخارستيّا للعالم أجمع.
وكما استطاع المسيح مضاعفة الخبز لإطعام الجمع، هم أيضاً باستطاعتهم فعل هذا، من خلال الكلمات المكرّسة وتدخّل الرّوح القدس. سيتابع الإنسان القيام بشيءٍ. لن يكون فحسب الخمسة أرغفة والسّمكتان، بل الخبز، ثمرالأرض وتعب الإنسان، والخمر، ثمر الكرمة وتعب الإنسان. يُنهي تدخّل الله الباقي : سيُقدّس التّقدمة كلّها بواسطة عظمة مباركته ؛ سيجعلها كاملة وجديرة به ؛ وهكذا تُصبح، بالنّسبة لنا، جسد ودم الإبن الحبيب، سيّدنا يسوع المسيح.

كيف نتناول جسد ودم المسيح ؟

لنأخذ مقارنة. إذا كان رئيس الجمهوريّة مدعوّاً لمائدتنا، فكيف نلبس لأجل هذه المناسبة ؟ هل نبقى في لباس الحديقة أو نلبس طقماً مع قميصاً بيضاء الّلون مكويّة جيّداً ؟ هل نضع آنيّة المائدة العاديّة، أو آنية مائدة الزّواج مع الصّحون الجميلة والكؤوس الطّويلة ؟ سنختار طبعاً ما هو أفضل لإستقبال ضيفاً مميّزاً حتّى ولو لا نشارك جميع عقائده. سنأخذ رغم ذلك كلّ ما هو أفضل إزاء المرتبة الّتي يشغلها : أوّل ممثّل للبلاد. التّصرّف والقيام بما هو أفضل يتناسب أيضاً مع الواجب المدني الأكثر عنصري.
ونفس الشّيء، كيف نُلبس روحنا لإستقبال جسد ودم المسيح في قلبنا ؟ هل ندعها سوداء بكلّ خطاياها المقترفة أو نُنظّفها بالتّواضع، الطّهارة، ونلبسها بالإحسان ؟ الحقّ، من أراد أن يقبل المسيح في المناولة الإفخارستيّة عليه أن يكون في حالة النّعمّة * NAME="sdfootnote10anc" HREF="#sdfootnote10sym">ر. فإذا تنبّه أحد إلى أنّه ارتكب خطأً مميتاً، فعليه ألاّ يتناول الإفخارستيّا قبل أن ينال الحلّ من ذنوبه في سرّ التّوبة * ت م ك ك١٤١٥. . إنّ استقبال المسيح في المناولة الإفخارستيّة في وضع الخطيئة المميتة * ج الخطيئة المميتة تقضي على المحبّة في قلب الإنسان بتعدّ كبير لشريعة الله. وتصرف الإنسان عن الله الّذي هو غايته القصوى وسعادته بتفضيل خير أدنى عليه. الخطيئة المميتة هي إهانة كبيرة لله. والّذي يقترفها، يصل إلى النّتيجة المعاكسة بدل خدمة خلاصه الخاص : هو يسعى إلى هلاكه. الخاطئ الكبير هو كإنسان مريض جدّاً، مريض الرّوح. هل نُعطي للمريض جدّاً نفس نظام الإغتذاء لرجل في تمام الصّحّة ؟ لا ! نُعطي للمريض، نظام اغتذاء قاس وأدوية مناسبة. وعندما يشفى، عندها بإمكانه اغتذاء نفس طعام الإنسان الّذي هو في صحّة جيّدة. ونفس الشّيء بالنّسبة للرّوح. يوجد الدّواء في التّوبة وسرّ المصالحة أمّا بالنّسبة لطعام الرّوح، فهي الإفخارسيتّا.
قبل ختام القسم الأوّل من هذا الفصل، لنقرأ توصيّة فرنسيس الأولى الّتي تخصّ بدقّة جسد المسيح * تهاجم فينا المبدأ الحيويّ الّذي هو المحبّة، فتقضي مبادرة جديدية من رحمة الله، وتوبة قلب تتمّ بوجه اعتياديّ في إطار المصالحة. ت م ك ك١٨٥٥ و١٨٥٦(مستخرجات). الخطيئة العرضيّة تُبقي المحبّة، وإن أساءت إليها وجرحتها(ت م ك ك١٨٥٥)." لا يستطيع الإنسان، طالما هو جسديّاً، تجنّب كلّ خطيئة، على الأقلّ الخطايا الصّغيرة. لكن هذه الخطايا الّتي نقول عنها صغيرة، لا تعتقد بأنّها غير مؤذية : إذا اعتقدتَ بأنّها غير مؤذية عندما تحملها، إرتجف عندما تعدّها... عدد من الأشياء الصّغيرة تجعل كتلة كبيرة ؛ عدد من القطرات تملأ نهراً ؛ عدد من الحبّات تجعل كومة. إذاً ما هو رجاؤنا ؟ قبل كلّ شيء، الإعتراف..." القدّيس أوغسطين،١ ٦.
د في حين يسعى الكهنة والمؤمنين إلى نسيان جانب القدّاس القرباني وهجر المناولة، يُعطينا فرنسيس، مرشداً دائماً من الإنجيل وتعليم الكنيسة، أسلوباً مختلفاً جدّاً. تُزوّدنا تعاليمه بوضوح عن ذكائه بالإيمان الإفخارستيّ. لا يمثّل ما يقوله فرنسيس في كتاباته تعليماً كاملاًن طارحاً جميع مظاهر الإفخارستيّا. يرينا بكلّ بساطة خطط إيمانه الكبيرة. تستطيع إستنتاج إثنتين :١) تُمدّد الإفخارستيّا رؤيا التّجسّد؛٢) تكرّم الإفخارستيّا التّضحية المخلّصة. وفي هذه التّوصية الأولى سنكتشف أساسيّاً نقطة فرنسيس الأولى المهمّة في إيمانه لإفخارستي. يكفي أن نعدّ عدد حيث تتردّد كلمات روح و نظر في النّص. تعليم فرنسيس هو، أنّ من خلال الرّوح القدس، يستطيع المؤمنون رؤية الله في الإفخارستيّا ومناولته بفخر. فضلاً عن ذلك، لا نستطيع الوصول نحو الآب إلاّ بواسطة الإبن ؛ لكنّ الإبن لا يسكن معنا في شكل إنسان، بل في شكل الإفخارستيّا. لنسعى إذاً" رؤية" الإفخارستيّا بعيون الرّوح ولنعترف بوجود إبن الله
(Editions Franciscaines, Paris, 1989, Le Christ dans la pensée de Saint François d’Assise d’après ses écrits, Norbert Nguyen Van Khanh,ofm., extraits des p.195,197 et 201)
.

جسد المسيح

قال المسيح لتلاميذه :" أنا الطّريق والحقّ والحياة؛ لا يأتي أحد إلى الآب إلاّ بي. لو كنتم تعرفوني لعرفتم أبي أيضاً ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه".
فقال له فيليبس :" يا ربّ أرنا الآب وحسبنا" فقال له يسوع :" أنا معكم كلّ هذا الزّمان ولم تعرفوني ؟ يا فيليبس، من رآني فقد رأى الآب"(يو ١٤ ٦-٩).
يسكن الله نوراً منيعاً؛ الله هو روح؛ لا أحد قد رأى الله. بما أنّ الله هو روح، لا نستطيع رؤيته إلاّ من خلال الرّوح، لأنّ الرّوح تُحي، والّلحم لا يفيد لشيء.
ونفس الشّيء بالنّسبة للإبن : بما أنّه متساوٍ مع الآب، لا نستطيع رؤيته إلاّ من خلال الآب، وبوجه آخر من خلال الرّوح.
لهذا السّبب لُعِنَ جميع الّذين لم يروا سابقاً إلاّ الإنسان في سيّدنا يسوع المسيح، دون الرّؤية والإيمان، حسب الرّوح وحسب الله، أنّه حقّاً إبن الله. كذلك لُعِنَ جميع الّذين حتّى اليوم يُشبهونهم : هم يرون حقّاً، سرّ جسد المسيح، على شكل خبز ونبيذ، مكرّسيين على المذبح بين يدي الكاهن ومن خلال كلام المسيح؛ لكنّهم لا يرون ولا يصدّقون، حسب الروح القدس وحسب الله، أنّهما هنا حقّاً جسد سيّدنا يسوع المسيح ودمه المقدّسيين * نفهم بشكل أفضل تأكيد عقيدة النّور، الشّائعة قليلاً آنذاك ، لبيار لومبارد، الّذي عرّف النّعمة المقدّسة والرّوح القدس. لم تحكم هذه العقيدة في
عهد القدّيس فرنسيس. في وقت لاحق فقط، سيدخل بونافنتورا وتوماس الإختلاف الواضح بين النّعمة المخلوقة ( الّتي تجعل من الإنسان إبن الله )والنّعمة الغير المخلوقة( الّتي هي بالتّحديد الرّوح القدس) :
BréviloqueV, 1-2 ; Somme Théol.III, 2 10, 38, 1-2 (Editions Franciscaines 1981, Saint François d’Assise- Documents, Théophile DESBONNETS et Damien VORREUX, note12 p.40)
، شهادة بالعالي نفسه الّذي يُثبّته : هذا هوالجسد، ودم العهد الجديد، الّذي سيُسكب للجميع، وأيضاً : من يأكل جسدي ويشرب دمي فله الحياة الأبديّة.
روح الله : يسكن من يؤمن به ؛ هو إذاً من الّذي يحصل على الجسد ودم المسيح المقدّسيين. جميع الآخرين،الّذين ليس لهم حصّة من هذا الرّوح، إذا كانت لديهم الجرأة لمناولة المسيح، يأكلون ويشربون إعدامهم الخاص.
أيّها الجنس الجسدي، كم من الوقت بعد سيكون قلبكم قاسياً لهذه الدّرجة ؟ لماذا لا تعترفون بالحقيقة ؟ لماذا لاتؤمنون بإبن الله؟ إنظروا : كلّ يوم ينحني، تماماً مثل السّاعة الّتي، تاركاً قصره الملكيّ، تجسّد في أحشاء العذراء؛ كلّ يوم، يأتي هو بنفسه إلينا، بالظّواهر الأكثر تواضعا ؛ كلّ يوم ينزل من نفس الآب على المذبح بين أيادي الكاهن. وكما ظهر سابقاً للرّسل القدّيسين بجسده الحقيقيّ، كذلك يظهر الآن أمام أعيننا في الخبز المكرّسً. عندما نظر الرّسل إليه بعيونهم البشريّة، لم يروا إلاّ جسده، لكنّهم تأمّلوه نحن أيضاً بعيونهم الّرّوحيّة وآمنوا بأنّه الله. عندما نشاهد الخبز والخمر بعيون الجسد، لنرى ونؤمن بتقوى أنّه هنا، جسد المسيح ودمه المقدّسين، هما حقيقيين وحيّيين. هذا هو بالفعل الوسيلة الّتي اختارها للبقاء دائماً مع الّذين يؤمنون به، كما قالها بنفسه :" ها أنذ معكم حتّى انتهاء الدّهور * ت١. ."

درب التّأمّل

سنلتقي الآن فرنسيس في حلقتين من حياته وطريقة عمله بصحبة إخوته. إذا كانت الحلقة الأولى تتمحور حول بداية حياة فرنسيس الأخويّة، مع وصول برناردو دو كوانتفالو، فالحلقة الثّانية تدور حول آخر فترة من حياته، في حلقة الألفيرنا، مع الأخ المشوّق ليون. سنراه يجتهد ليساعد إخوته في بحثهم عن الله.

مشهد غريب فعلاً

ها قد مرّت سنتين منذ أن تجرّد فرنسيس من كلّ خيراته، أمام مطران أسّيزي. ومنذ ذلك اليوم، أعاد فرنسيس تأهيل ثلاث كنائس، كانت في وضع الهدم. رغم ذلك، لم تُرضِ هذه الأعمال جميع سكّان أسّيزي وأصدقائه القدامى :״ عجباً، يا أولاد، إنظروا إلى هذا الرّجل المارّ من هنا. هذا أيضاً شجاع مزيّف آخر كان لديه كلّ المال ليكون سعيداً لكنّه أفسد كلّ شيء ليصبح مرمّم كنائس. عجباً، وبما أنّه بحاجة إلى حجارة، يكفي بأن ترموا له بعضاً منها عندما يمرّ. آه، آه، ربمّا سينهي طيشه ويجعله واقعيّاً‘ هذا المسكين المجنون !״ ״ عجباً، هذا صديقنا فرنسيس ! إذاً فرنسيس، هل تسفعكَ الشّمس دائماً أقوى من فوق ؟ آه، يبدو هكذا ! أو لالا، الوضع خطير! هل تتقدّم في بناء الكنائس ؟ ماذا تجني بلعب دور البنّاء، أنتَ ابن تاجر الأقمشة ؟ لكنّ فرنسيس لا يجيب على كلّ هذا. لا يبدو حتّى متأثّراً، مثل أصمّ نستطيع أن نرويه أيّ شيء، فلن ينفعل لأنّه لا يسمع. وليس لأنّه يضطهد جميع من يهينه أو أيضاً أن يفرح لسماع الإهانات. لكن بالنّسبة لشخص يجتهد برؤية الأشياء من خلال الرّوح، يبدو أنّ هناك بالأحرى شيئاً صغيراً نقل فرنسيس خارج التّصورات البشريّة، جاعلاً منه صبوراً مثابراً كما لو كان أبكماً وأصمّاً.

دعوة السيّد برناردو دو كوانتفالي

غير أنّ هناك رجلاً، صُعِقَ بصبور فرنسيس ومثابرته. هذا الرّجل هو أحد نبلاء البلدة وأغناها : إنّه السّيّد برناردو دو كوانتفالي. وفي أسّيزي، ليس السّيّد برناردو بغريب. هو محبوب لحكمته الكبيرة ومعتبر من قبل الجميع. انتهى بالقول أنّ إذا كان فرنسيس، منفوراً ومحتقراً من الجميع، يبقى صبوراً لهذه الدّرجة ومثابراً، هذا لأنّه نال نعمة كبيرة من الله. ذات يوم، صادفه في طرقات أسّيزي، فإذ صرخ برناردو لفرنسيس :״ إنّي أدعوكَ للعشاء بفرح كبير. فهل تأتي ؟ ״وأجاب فرنسيس :״ آه، سيّد برناردو، إذا كان يسرّكَ بأن آتي للعشاء عندكَ، إذاً أقبلُ دعوتكَ״.
جاء المساء، وتناول الضّيفان الطّعام المحضّر لكنّهما أخيراً بقيا مستغرقين بالحديث أكثر من الوجبة. فالموضوع، يجب قوله، هو جدير بكلّ الإنتباه : المسيح، الرّجل والله الحقيقيّن، هو سيّد وخادم. ذُهِلَ برناردو برؤية فرنسيس حول المسيح. من خلال الكلمات البسيطة، كلّ شيء بات واضحاً، واقعيّاً و... معظّماً. خفق قلب السيّد برناردو بشدّة في صدره عند سماع كلمات فرنسيس. ثَبُتَ الإنطباع الأوّل الّذي أحسّ به. ففرنسيس، إذا كان مجنوناً بالنّسبة لسكّان أسّيزي، قد نال النّعمة، وهذا ما يجعله يعمل، يجعله يتحرّك وأيضاً يتنفّس. عندما انتهى الحديث، كان الّليل متأخّراً. ״لا أستطيع أن أدعكَ تذهب في ساعة متأخّرة. لديّ سرير ثانٍ في غرفتي تستطيع أن تنام فيه حتّى الصّباح. إبقَ، أرجوك״. قبل فرنسيس دعوة السّيّد برناردو وأخلدا، ظاهراً، كليهما للنّوم.

״يا إلهي، يا إلهي״ وليس غير

إذاً ظاهريّاً، كليهما خلدا للنّوم. ما إن دخل فرنسيس الغرفة، حتّى ارتمى من التّعب على السّرير المخصّص له. أمّا السّيّد برناردو، فنام بدوره ولم يتأخّر عن الشّخير بعنف، كأنّه ينام. إذ لا أحد منهما ينام. فقد عزم السّيّد برناردو فحص قداسة فرنسيس وقد تظاهربالنّوم ليرى ما الّذي سيجري خلال رقاده. وقد فعل فرنسيس نفس الشّيء إذ ليس لديه إلاّ رغبة واحدة : الصّلاة. لكنّ، مخلص للكلمة الإنجيليّة الّتي تقول بعدم الصّلاة في أماكن عامّة لعدم جذب اعجاب النّاس بل الصّلاة لله في الخفيّة(متى ٦ ٥−٦)، إنتظر بأن ينام السّيّد برناردو فعلاً. وعندما ظنّ بأنه نائماً، قام فرنسيس على مهل، نظر إلى النّافذة الّتي ظلّت مفتوحةً وركع. على نور قنديل مضاءً طيلة الّليل، لم يُفوّت السّيّد برناردو أيّاً من أفعال وحركات فرنسيس. رآه راكعاً، عينيه ويديه مفتوحتين إلى السّماء وسمعه يصلّي على الشّكل :" إلهي! إلهي !". كانت هذه صلاة فرنسيس كلّها : "يا إلهي ! يا إلهي ! " وليس غير. لقد سمع برناردو هذه الصّلاة البسيطة، هو، المرتبك أحياناً في صيغ الصّلوات المصنوعة. دخلت هذه الكلمات في هذه الّلحظة في قلبه كحلاوة الّلبن والعسل. حتّى الآن، تظاهر بالنّوم من أجل فحص قداسة فرنسيس. لكن هذا لا يهمّ منذ تلك الّلحظة المحدّدة. هذه الصّلاة الّتي سمعها تشغل كلّ كيانه. إنّها تكشف له إلى ما هو مدعو إليه، إلى ما جميعنا مدعويين إليه :" نحوكَ، يا ربّ". لقد أثّرت به تلك الّلحظّة للأبد، إذ تحدّد لنا الفيورتّي أنّ بعد أن أصبح الأخ برناردو، نال الكثير من النّعم لدرجة أنّه أحياناً كان فرحاً في تأمّله لله. لكن لن نتسرّع ولنعد إلى أحداث القصّة.

الطّريق الإنجليّة

في الصّباح الباكر، بعد نهوض أهل البيت، كشف السّيّد برناردو عن نيّته لفرنسيس بهذه العبارات : " لقد صمّمتُ من كلّ قلبي هجر العالم واتّباعكَ بما تأمرني به." فرح فرنسيس بهذا النبأ، ولكن انتابه شعوراً خطيراً تجاه الثّقة المتناهية الّتي عبّر عنها السّيّد برناردو : " إتّباعكَ بما تأمرني به". ففرنسيس، هو، لا يستطيع أن يتحكّم هكذا بحياة شخص. فدعى برناردو لأخذ نصيحة أمام صاحب العلاقة الأهمّ بتحضيره هو نفسه لهذا الإجراء. "سيّد برناردو،ما تقوله هو خطير لدرجة أنّه من الممكن أن يشوّش حياتكَ لذلك علينا طلب رأي سيّدنا يسوع المسيح. سنصلّي له ليكشف لنا عن رغبته حول هذا الموضوع وليقول انا كيف ننفّذه. لنذهب سويّة إلى المطرانية حيث يوجد كاهن جدير. سيتلو لنا القدّاس. سنبقى في الدّعاء حتّى الجزء الثّلاثي * السّاعة الرّابعة من السّاعات الكنائسيّة الّتي تُصلّى نحو السّاعة ٩. وسنصلّي لله من خلال فتح الإنجيل ثلاث مرّات الّتي ستدلّنا على الطّريق الّتي تعجبه وسنختارها." أجاب السّيّد برناردو، رغم أنّه لم يستنظر سماع كلّ هذا، أنّه موافقاً. ذهبا كليهما إلى المطرانيّة وجرى كما صمّم فرنسيس. وافق الكاهن، أمام جديّة شخصيّة السّيّد برناردو دو كوانتفالي، على طّلب الرّفيقين المميّز. فتح الإنجيل ثلاث مرّات باسم المسيح وقرأ كلّ مرّة الكلمة الأولى التّي تراها عينيه. وها هي العبارة :
•الإفتتاحيّة الأولى : "إن كنتَ تريد أن تكون كاملاً، إذهب، بع كلّ ما شيء لكَ أعطه للمساكين، ثمّ تعال اتبعني"(متى١١ ٢١)
•الإفتتاحيّة الثّانية :"لا تحملوا في الطّريق شيئاً، لا عصاً ولا مزوداً، ولا حذاءً ولا فضّة" * لو٩ ٣. لا يتحدّث نص لوقا عن أحذية، لكن مراجعة متى١٠ ١٠. .
•الإفتتاحيّة الثّالثة :" من أراد أن يتبعني، فليكفر بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني"(متى١٦ ٢٤).
عندها قال فرنسيس للسّيّد برناردو :" هذه هي النّصيحة الّتي يُعطينا إيّاها المسيح ؛ إذهب، واعمل حتّى النّهاية ما سمعته ؛ وليتبارك سيّدنا يسوع المسيح الّذي تكرّم ليدلّنا على طريقه الأنجيليّ." عند سماعه هذه الكلمات، باع السّيّد برناردو كلّ ما يملكه، أيّ الكثير، إذ كما سبق وذكرنا، هو فاحش الثّراء. ووزّع منتوجات المبيع على الفقراء، الأرامل، اليتامى، الحجّاج، الأديرة والمستشفيات. لم ينل هميان فرنسيس على أيّ شيء، هو الّذي يساعده في عمل الرّأفة هذا. وأصبح السّيّد برناردو دو كوانتفالي الأخ برناردو. لاحقاً، سيقول عنه فرنسيس"أنّه جدير بكلّ احترام وقد أنشأ الرّهبنة، لأنّه كان الأوّل الّذي ترك العالم دون الإحتفاظ بشيء، بل بإعطاء كلّ شيء لفقراء المسيح."

يا إلهي، إنّي أبحثُ عنكَ منذ الفجر، نفسي عطشى منك

في هذه السّيرة، يبغي فرنسيس الإندماج بكلّ كيانه بإله الحياة : يا إلهي ! يا إلهي ! لكن هل هو فرنسيس حقّاً الّذي يبحث عن هذا الإندماج ؟ أليس صلاته بالأحرى جواباً لرغبة الله ؟ إذ أنّ كلّ تاريخ إسرائيل يجعل هذه الحقيقة الجوهريّة تتفجّر: ليس الإنسان، في البدء، الّذي يحاول الوحدة في الله ؛ إنّه الله نفسه الّذي، في الأصل، بدأ علاقة مع الإنسان ويريد الإتّحاد معه أو، تحديداً ضمّه معه. لن نكفّ عن قوله : إنّ الأهمّ في حياة الحدة مع الله، ليس الطّريق الغامض دائماً الّذي يمكن أن يساكه الإنسان نحو الله، بل بالأحرى الطّريق الّذي سلكه الله بنفسه ولا يزال يسلكه نحو الإنسان. قبل أيّة رغبة من الإنسان، هناك خطوة الله الغراميّة الّتي تريد مقابلة الإنسان والإتّحاد معه. طريق الرّوح لله هي دائماً نقطة البداية من الله. عندما يبدأ الإنسان مسيرته، كما فعل برناردو دو كوانتفالي، كان الله قد لاقاه. وليس تصرّف الإنسان إلاّ وعياً أعمق واستقبالاً ودوداً دائماً أكثر من الإتّصال بالله. إذاً، ألا يجب علينا أوّلاً معرفة التّطلّع، تأمّل الإتّصال الّذي يبثّه الله لنا بنفسه، كما علم فرنسيس * مع التّغيرات (مستخرجات أو إضافات) لا غنى عنها مردودة ضروريّة لدمج النّص المنقول في كتاب التّكوين، إنّ تعليق هذا المقطع، قسماً من التّفسيرات التّالية كما سيرة الألفيرنا وأدركَ فعله.

إنظروا ! تأمّلوا!

لا نرى جيّداً إلاّ في النّور، من خلال النّور. ويقول لنا يسوع :" أنا نور العالم"(يو٨ ١٢). ويحدّد لنا فضلاً عن ذلك :" سراج الجسد العين. فإن كانت عينك بسيطة فجسدكَ كلّه يكون نيّراً. وإن كان
عينكَ شرّيرة فجسدكَ كلّه يكون مظلماً"(متى ٦ ٢٢־٢٣). يعطينا يسوع هذه العين للنّظر، للتّأمّل. المقصود من خلال العين لا يتحدّد فقط على المستوى الأخلاقي * Desclée de Brouwer 1995, Chemin de Contemplation, Eloi Leclerc, Prologue, Ch.1 et Conclusion. والمغارة مستخرجة من
هذا بالتّحديد أعجوبة تكاثر الكلمة، إذ كما كان هناك تكاثر للخبز، تتكاثر كلمة الرّبّ وتتلامس في ثلاث مظاهر : معناها الرّوحي، الأخلاقي ومعناها الحالي.
، رغم أنّه الموضوع هنا. إزاء النّور الماديّ الّتي من خلالها تقبل العين، بسيطة أم بصحّة جيّدة، أو ترفض الخير من الجسد
هو مقارن بالنّور الرّوحيّة الّتي تشعّ من الرّوح: إذا كانت هي نفسها في الظّلمة، فإنّ العمى هو أخطر من العمى الجسدي. لكن إذا تأمّلت العين الّذي هو، كان وسيكون، عندها تكون الرّوح بكاملها في النّور. ويصبح الإنسان دائماً ما يتأمّله. تجعلنا أسلوب الرّؤية هذه المشاركة في الحياة الإلهيّة. تجعلنا نعيش في الله.
المقصود إذاً بأن لا نتوّر تجاه الله، بل استقباله بسكون داخليّ أكبر دائماً وبمودّة مجرّدة. لا نهدف الشّمس ؛ لا نبحث عن بلوغها ؛ تأتي الشّمس إلينا ؛ تلمسنا أشعّتها قبل أن نستطيع رؤيتها. يكتب القدّيس يوحنا :"لم نكن نحن من أحببنا الله بل هو أحبّنا "(١ يو٤ ١٠)." قد أحبّنا هو أوّلاً"(١ يو٤ ١٩)

 

الإيمان بكلمة الله

لقد سبق وتحدّثنا، في بداية هذا الفصل، عن ضرورة الإيمان بكلمة الله لفهم الحديث عن خبز الحياة. سنجد نفس الضّرورة هذه، بخصوص مشاركة الحياة الإلهيّة في الصّلاة. بالفعل، لا شيء، خارج الإيمان بكلمة الله، يستطيع أن يؤمّن لنا أو حتّى أن يسمح لنا بالتّفكير أنّ الله اللا نهائي يتّصل بنا فعليّاً من خلال قداسته ومجده، ويشاركنا حياته الخاصّة. وسيكون هذا الإتّحاد مع الله أقوى كلّما كان الإيمان حيّاً. ففرنسيس، في الوسيلة المستعملة للإجابة عن بحث السّيّد برناردو، طبّق واقعيّاً ودون دوران، كلمة الله :" إن كنتَ تريد أن تكون كاملاً، فاذهب، وبع كلّ شيء لكَ وأعطه للمساكين وتعال اتبعني." سمع هذه الكلمة ؛ فوراً، عاشها وبالأحرى يعيش فيها. تحيا خبرة اتّحاد فرنسيس بالمسيح من خلال للإيمان. ليس لديها أيّ سند سوى الكلمة. يتّصل الله الحيّ بنا من خلال كلمته. ليست الكلمة برؤيا. هي تدعو دوماً للإيمان. يؤمن فرنسيس بهذه الكلمة. ويعيش من خلالها. يُنفّذ رسالة بولس إلى أهل غلاطية ويجعلها واقعيّة : " أنا حيّ لا أنا بل إنّما المسيح حيّ فيّ"(غل ٢ ٢٠).

أسبّحكَ يا ربّ، لأنّكَ خلقتَ العالم المرئي والخفيّ

كان هذا في آخر ليلة صيف جميلة على قمّة جبل ألفيرنا. بعد يوم حارّ جدّاً، كان من الممتع تنشّق بعض الهواء المنعش. تتنفّس الغابة القريبة من هنا، بهدوء، مسحوقة من جرّاء شمس النّهار. من خلال نافذة المحبسة الصّغبرة، يشاهد فرنسيس السّماء السّاطعة بالنّجوم. العظمة، السّكون وطهارة قبّة السّماء الّتي لا توصف تؤثّر به بعمق. يرتعش داخليّاً لهذه الضّخائم البعيدة لكن الأخويّة فيحيّيها ً بسلام وديّ هامساً :"أخواتنا النّجوم، منيرة، عزيزة وجميلة...". كان يرى كلّ هذه الأشياء داخل وحدة الخليقة. ثمّ أضاف :" أسبّحكَ، يا ربّ، لأنّكَ خلقتَ العالم المرئيّ والخفيّ...". فعبر نيزك السّماء كتوقيع منير من الخالق على عمله. ومرّ قسم من الّليل في العبادة والتّسبيح.
في الصّباح، جاء الأخ ليون إلى فرنسيس، خجولاً وخائفاً كعادته، لكن بمظهرٍ محبط بوجه خاص في بداية هذا النّهار. باح لفرنسيس أنّه لم يستطع النّوم طيلة الّليل، إذ كان ضحيّةً لأقسى تجربة روحيّة. لم يعد يُدركُ ما هو وضعه في حياة الإتّصال مع الله. كان يرى أمامه كتلة منيعةً لعيوبه وخياناته. سمعه فرنسيس، بصمت. كان يُخفي ليون رغبةً سريّةً. كان يتمنّى في دخليّة نفسه، الحصول من فرنسيس على بعض العبارات الدّينيّة المنسوخة بيده، إذ، حسب تفكيره، سيحرّره بالتّأكيد من شكّه وجميع مخاوفه. سيكون طلسماً معصوماً يُعيد الطمأنيّة لروحه، في شتّى الأحوال.
فرنسيس، الّذي كان يعرف أخيه جيّداً، قرأ تلكَ الأمنية. أخذ المخطوط الّذي كان يحمله ليون سرّاً وجاهزأً في يده. إستغرق في التّأمّل للحظة، ثمّ بدأ بالكتابة. أتت الكلمات وحدها تحت ريشته. وتتالت الجمل، قصيرة، سريعة، سهلة. كان يكتب بوضوح وخفّة. لم تكن وعظةً أو توصية. كان يدع قلبه يغنّي. كانت صلاة تسابيح.

قدّوس أنتَ، أيّها الرّبّ

قدّوس أنتَ، أيّها الرّبّ،
الّذي يصنع العجائب!
أنتَ القويّ، أنتَ الأعظم،
أنتَ العليّ، أنتَ الكلّيّ القدرة،
أنتَ الآب القدّوس، ملك السّماء والأرض.
أنتَ الثّالوث الأوحد، الرّبّ، إله الآلهة،
أنتَ الصّلاح، كلّ الصّلاح، الصّلاح الأسمى،
الرّب الإله الحيّ والحقّ.
أنتَ الحبّ والمحبّة، أنتَ الحكمة،
أنتَ التّواضع، أنتَ الصبر،
أنتَ الجمال، أنتَ الحلم،
أنتَ الطمأنينة، انتَ السّكون،
أنتَ الفرح، أنتَ رجاؤنا وسعادتنا،
أنتَ العدل، أنتَ الإعتدال،
أنتَ كلّ ثروتنا بالقدر الكافي.
أنتَ الجمال، أنتَ الحلم،
أنتَ الحامي، أنتَ الحارس والنّصير،
أنتَ القوّة، أنتَ الملجأ.
أنتَ رجاؤنا،
أنتَ إيماننا،
أنتَ محبّتنا،
أنتَ كلّ عذوبتنا،
أنتَ حياتنا الأبديّة،
أيّها الرّبّ العظيم والعجيب،
الإله الكلّي القدرة، والمخلّص الرّحيم * تسابيح لله في
Editions Franciscaines 1981(2 ed.), Saint François d’assise- Documents, Th. Desbonnests, D. Voreux, p.152.
!
رفع فرنسيس ريشته وتوقف. كان بإمكانه متابعة الكتابة هكذا طيلة ساعات. إنّه بمثابة فيضان هادئ نابع من قلبه. لم يكن يبحث عن التّعليم، أو أن يُثبتَ عن أيّ شيء. كان ببساطة يُغنّي. دون الإهتمام لوضع تنسيق ما لأفكاره.كانت صلاة مرتجلة، غزيرة. لعبة تقارب حول حقيقة لا توصف ولا نملّ عن تأمّلها، دون إمكانيّة التّعبير تماماً وحقيقةً.
نظر ليون إلى فرنسيس، صامتاً وفرحاً. عاد هذا الأخير للكتابة. هذه المرّة، كانت بركة مستمدّة من الإنجيل وموجّهة لليون:
فليبارككَ الرّبّ ويحفظكَ ؛
وليظهر لكَ وجهه وليرحمكَ!
فليحوّل وجهه نحوكَ
وليهبكَ السّلام !
فليبارككَ الرّبّ، يا أخ ليون * الموضوع نفسه، ص. ١٥٣. !
ورسم فرنسيس على اسم الأخ الحرف الإغريقي، على شكل تاو. كانت هذه إمضائه. وكانت أيضاً علامة المخلّصين، حسب نصّ النّبيّ حزقيال.
"ها هو، قال فرنسيس لليون. خذ هذا المخطوط واحفظه بعناية حتّى مماتكَ. ولتحلّ عليكَ نعمة الله الكبيرة !"
كان ليون مغموراً. لم يكن يتوقّع كلّ هذا. أمّا بالنّسبة لفرنسيس، كانت فرحته كبيرة. ففي لغة صلاة التّسابيح البسيطة، قد كتب فرنسيس وعهدَ إلى ليون مذكّرة خبرته الصّوفيّة على جبل الألفيرنا. كان هذا شكره لله على كلّ ما ناله في هذا المكان. مذكّرة عرفان جميل.
استلم ليون المخطوط كما هو. لاحقاً، سيزيد عليه :" إكراماً للطوباويّة مريم العذراء، أمّ الله، وللطّوباويّ مخائيل، رئيس الملائكة، وقبل سنتين من وفاته،أمضى الطّوباويّ فرنسيس أربعين يوماً على جبل ألفيرنا، من عيد انتقال القدّيسة مريم العذراء وحتّى عيد القدّيس مخائيل في أيلول. وكانت يد الرّبّ معه : بعد رؤيا السّاروفيم، وانطباع سمات المسيح في جسده، ألّف هذه التّسابيح الّتي دوّنها، بخط يده، على الجهة الثّانية، شاكراً الله على احسانه الّذي منحه إيّاه * الموضوع نفسه، ص.١٥٢. ."

الفرح الإلهي بالعيش

عاد ليون في الصّباح التّالي إلى فرنسيس ووجهه يشعّ مثل الشّمس. روى له كيف أنّ الشّكّ الّذي لاطالما عذّبه بمرارة اختفى تماماً، بعد قراءة هذا المخطوط. عاد السّلام إلى روحه مع نعمة الرّبّ. فقال له فرنسيس :" هذه الأسطر الّتي كتبتها وأوصيتكَ بها ليست إطلاقاً مفاعيل سحريّة ؛ إنّها تتضمّن سرّاً كبيراً." "ما هو هذا السّرّ ؟" سأل ليون قلقا. قال فرنسيس :" إنّها كلمات تسابيح وعبادة. والّذي تخصّه وينفتح لروح التّسبيح والعبادة سيعيشً خبرة إنبهار يسحبه من نفسه. سيكفّ عن التّشنّج لقدره، وعن التّقابل. لن يسأل بعد الآن عن حاله في اتّحاده مع الله. مبهوراص بواقع الله الرّائع، سيعيش في تأمّله أكثر من حاله. لن يكون كيانه إلاّ نظرة إعجاب. قلّما يهمّ عندها حاله مع الله ! لن يسأل مجدّداً : الله هو، وهذا يكفي. سيدخل في فرح الله، دون الشّكّن وسيتعرّف على السّعادة الإلهيّة الكبيرة بالعيش."

العودة كطفل صغير

إزاء الإيمان بالكلمة، الّتي سبق وتحدّثنا عنه في الأعلى، سنرى أنّه يجب زيادة إذاً نعمة الإعجاب. نستطيع المعرفة على خبرة روحيّة حقيقيّة، لكن دون النّشوة. من جهة أخرى، ليست النّشوة إلاّ اسم ثان للإنبهار. كلّ خبرة روحيّة، كلّ حياة اتّصال بالله، بقدر ما كانت قليلة العمق، هي خبرة مدهشة : خبرة الله المدهش في اتّصاله بحد ذاته. يقول يسوع أنّنا لا نستطيع دخول ملكوت الله إلاّ بروح طفل(متى ١٠ ١٥).
إنّنا مدعوّين، من خلال الكلمة نفسها، لإسترجاع، في بلوغ العمر، إعجاب الطّفل : عيون الطّفل المبهورة أمام معجزة الحياة الّتي تظهر في كماله." وقد أبصرنا مجده"(يو١ ١٤). فقط تأمّل هبة الله المدهشة تنزعنا من نفسنا، تفتح قلبنا وتعلّمناكيف نحبّ كما أحبّ الله." لو كنتِ تعرفين عطيّة الله... " قال يسوع للسّامريّة. نعم، لو كنّتَ تعلم،لإلتهب قلبكَ، وسيصبح مثل الدّغل الّلاهب.
"... مبهورين بكَ، يا ربّ، ليس لدينا تقدمة إلاّ استقبال محبّتكَ * ليتورجيّة السّاعات. ."يُحدثُ الإعجاب إلى الإحتفال، والإحتفال إلى الحفلة :" سبّحوا الرّبّ فإنّ الإشادة لإلهنا صالحة"(مز١٤٦ ١). لنسمع نداء الكلمة الّتي تقول لنا :" إستيقظ يا مجدي إستيقظ أيّها العود والكنّارة سأستيقظ سحراً !(مز٥٦ ٩). نور بزوغ الفجر، نهوض شمس في الرّوح، هذه هو اتّصال الله مع الّذي يؤمن بكلمته.
يقال أنّ فقير أسّيزي، أنشأ مغارة الميلاد. وقد ساهم طبعاً إلى نشر هذا التّطبيق. لكن الأهم هو الرّؤية واستطاعة رؤية حدث الميلاد من جهة أخرى : بقلب فقير وعيون طفل. يقول :" أريد أن أرى بواسطة عيوني الجسديّة، الطّفل، كما هو ممدّداً في مذود قشّ ونائماً بين الثّور والحمار. كانت فكرة جديدة وساذجة، كلنّها فكرة رائعة ومدهشة، مثل الأفكار الّتي يصل عليها إلاّ الشّعراء : الرّؤية واستطاعة النّظر، بعيون طفل، "قدوم الله العذب". لا شيء أهمّ لمستقبل العالم. في مجتمع التّجار، يسيطر عليه شهوة المال، كان لا بدّ إعطاء تأمّل مجانية الله. في عالم الكهنة الحالمين بالتببوريّة، كان من العاجل الرّجوع إلى تواضع الله. وفي زمن حروب يقال أنّها مقدّسة، ما من شيء أهمّ إلاّ لجعل رؤية حنان الله ؟ وبينما تشيّد المسيحيّة قبب كاتدرائيتها وأبراجها في أعلى السّماء، مثل تسبيح شكر برّاق، يتأمّل فرنسيس ورفاقه الأول، في ظلّ مغارة، الله الآتي إلى العالم في عطوبيّة طفل صغير ؛ لقد وجدوا النّبع الرّائع. ومنفتحين لهذا الإتّصال الإلهي، أصبحوا ما يتأمّلونه. ومع الفرحة المبدعة، أعادوا العالم لله، والإنسان، والله !

الصّلاة والرّتبة

البند ٨.

كان يسوع العابد الحقيقي لآب: على مثالهن سيجعلون من الصّلاة والتّأمّل روح حياتهم وتصرّفهم * س فاتيكان II، قانون حول تبشير العلمانيين ٤cb a : المسيح المرسل من الآب، كونه مصدر وأساس كلّ تبشير الكنيسةن من الواضح أنّ خصوبة تبشير العلمانيين تتعلّق باتّحادهم الحيّ مع المسيح حسب كلمة الله هذه :"من يثبتُ فيّ وأنا فيه، فهو يأتي بثمر كثير"(يو١٥ ٥). حياة الخاصّة هذه مع المسيح في الكنيسة مطعّمة بطعام روحيّ مشترك لكلّ المؤمنين، خاصّة
بالإشتراك الحيّ في الّليتورجيّا المقدّسة. على العلمانيين إستعمالها بطريقة أنّ، متمّممين بدقّة متطلّبات العالم في شروط الوجود العاديّة، لا يُفرّقون الوحدة من المسيحن ومن حياتهم، لكن يكبرون في هذه الوحدة بإتمامهم أعمالهم حسب رغبة الله.
.
لإحياء فيهم أسرار حياة المسيح، فليشتركوا في حياة الكنيسة الكهنوتيّة، خاصّةً الإفخارستيّا ؛ سيتشاركون أيضاً في صلاتها الّليتورجيّة في إحدى الأشكال الّتي يقترحها.

سيبحث التّعليق الأوّل أدناه عن الإثبات لنا كيف كان يسوع العابد الحقيقي لآب. لكن ما هي العبادة ؟ ستاعدنا الوصيّتان الأوّلتان من الوصايا العشر لإجابة على هذا السّؤال. تشهد بعض المراجع الإنجيليّة الموجودة في آخر كلّ فصل أنّ يسوع كان يصلّي قليلاً جدّاً خلال مهمّته على الأرض. وتدعونا قاعدتنا لجعل من الصّلاة والتّأمّل روح حياتنا وتصرّفنا، على مثال يسوع ؛ أيضاً، الآ تبحث التّفسيرات التّالية لإيجاد جواباً على الأسئلة التّالية : ما هي الصّلاة ؟ ما هي مختلف تعابير الصّلاة الأساسيّة ؟ أخيراً، كيف ومتى نصلّي ؟ طبعاً، لإحياء فينا أسرار حياة يسوع، فالمرحلة الّتي لا يمكن تجنّبها هي بمعرفتها. سنتابع مع ذكرنا بعضاً من أسرار حياة يسوع الأرضيّة وسنشير إلى ماذا تؤدّي تمثيلها بالنّسبة لنا إلى سرّ الأبوّة الإلهيّة وإلى مهمّتها الخلاصيّة. أخيراً، بما أنّ الحديث عن خبز الحياة قد أظهر وحدّد لنا سابقاً ما هي الإفخارستيّا، سنوجّه الشّروحات التّالية نحو رتبة الإفخارستيّا. سيساعدنا العهد المتمّم بين إبراهيم وعهد سيناء لفهم معنى الّليترجيّا.

لتكن مشيئتكَ على الأرض كما في السّماء

كان شاول آنذاك ملك إسرائيل. عبّر له الله عن رغبته : معاقية العمالقة ولعنهم لكلّ ما يملكونه، أي بعدم الإحتفاظ بشيء لكن بقتله بالسّيف، جميع الكائنات الحيّة حتّى المواشي. لكنّ شاول جلب أفضل المواشي من أصغرها حتّى أكبرها وذلك لجعلها تقدمة ليهوه. كانت النّيّة طيّبة حتّى ولو تتعارض تماماً مع الرّغبة الإلهيّة. ومع ذلك، لامه الرّبّ من خلال نبيّه صموئيل :" لماذا لم تطع ليهوه ؟ لماذا انقضتَ على الغنيمة وفعلتَ ما يزعج يهوه ؟"(١صم ١٩). بالفعل، فقد طلب الله من شاول بعدم جلب شيء معه ؛ لكنّ شاول، للإعجاب بالله، ما كان أجدر به جلب شيء، حتّى ولو خصّص الغنيمة( أو قسماً منها) تقدمة لله. لا يدين صموئيل عبادة التّضحيّة. لكن ليس فقط الطّقس الخارجي الّذي يُعجب الله، بل الطّاعة الدّاخليّة. إنجاز ما هو ضد رغبة الله، هو التّمجيد لإله آخر والوقوع في عبادة الأوثان.
يقول لنا يسوع، الّذي كان العابد الحقيقي لآب : " ليس الّذي يقول" إلهي، إلهي" سيخلص إنّما الّذي يعمل بمشيئة أبي الّذي في السّماوات. سنجد هذه الفكرة، المنتشرة في الأناجيل، التّي تعود باستمرار كتذكير لكلمة الله الداّئمة : " إنّ طعامي أن أعمل مشيئة من أرسلني وأُتمّم عمله"(يو٤ ٣٤). ؛ "...وحكمي عادل لأنّي لستُ أطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الّذي أرسلني"(يو ٥ ٣٠) ؛ " وهذه مشيئة الآب الّذي أرسلني أن لا أتلف من كلّ ما أعطاني شيئاَ لكنّي أُقيمه في اليوم الأخير وهذه هي مشيئة أبي الّذي أرسلني أنّ كلّ من يرى الإبن ويؤمن به تكون له الحياة الأبديّة وأنا أُقيمه في اليوم الأخير"(يو٦ ٣٩־٤٠). " يا أبتِ إن كان يُستطاع فلتعبر عنّي هذه الكأس ! لكن ليس كمشيئتي بل كمشيئتكَ"(متى٢٦ ٣٩). أيضاً، عندما يطلب فرّيسيّاً من يسوع وذلك لإحراجه :" يا معلّم، ما هي أكبر وصايا القانون ؟"، أجاب يسوع بنفس كلمات الله، مذكّراً بذلك مشيئة الآب.

أحبب الرّبّ إلهكَ بكلّ قلبكَ وكلّ نفسكَ وكلّ ذهنكَ

لقد اختصريسوع واجبات الإنسان تجاه الله بهذا الكلام : " أحبب الرّبّ إلهكَ بكلّ قلبكَ وكلّ نفسكَ وكلّ ذهنكَ * متى٢٢ ٣٧ ولو١٠ ٢٧ : "... كلّ قدرتكَ "٠ ."وهذا الكلام صدًى مباشر للدّعوة العظيمة : " إسمع يا إسرائيل إنّ الرّبّ إلهنا ربّ واحد "(تث ٦ ٤). أحبّ الله أوّلاً. ومحبة الله الواحد تذكّر بها أولى الكلمات العشر. والوصايا تشرح في ما بعد جواب المحبّة المطلوب من الإنسان تأديته لإلهه * ت م ك ك ٢٠٨٣. .
عبادة الله هي الإعتراف به إلهاً، وخالقاً، ومخلّصاً، وسيّداً لكلّ ما هو موجود، ومحبّة لا متناهية ورحيمة."للرّبّ إلهكَ تجسد، وإيّاه وحده تعبد"(لو٤ ٨) هذا ما قاله يسوع، مستشهداً بتثنية الإشتراع(تث٦ ١٣). التّعبّد لله هو الإعتراف، في احترام وخضوع مطلقين، بعدم الخليقة الّتي لا وجود لها إلاّ بالله. التّعبّد لله يقومن على مثال مريم في نشيدها، بتسبيحه، وتعظيمه، والإتّضاع أمامه، مع الإعتراف الشّكور بأنّه صنع عظائم وأنّ اسمه قدّوس(لو١ ٤٦־٤٩). التّعبّد لله الواحد يحرّر الإنسان من الإنطواء على ذاته، من عبوديّة الخطيئة، وعبادة العالم الصنميّة * ت م ك ك ٢٠٩٦-٢٠٩٧. .

لا تحلف بالله الباطل

ألا يحلف الإنسان بالله الباطل إلاّ عندما يجدّف ؟ لأسف لا، ليس فقط. يمكن لولد القول أحبّ أبي وأحترمه إذا بعدها، يعترض لرغبات أبيه ؟ ليس فقط بالقول أبي، أبي يعني أنّنا نحبّ فعلاً. ونفس الشّيء، لا ترتكزصلاة الإيمان فقط بالقول، إلهي، إلهي، لكن منح القلب للتّصرّف لمشيئة للآب(متى ٧ ٢١). هل تعني كلمة الإنجيل هذه أنّ لا أحد يستطيع إستدعاء الله إلاّ الصّغار ؟ لا، لأنّه يجب دعاء اسمه من قبل الخطأة وجميع الّذين يشعرون بأنّهم مخنوقين من الشّيطان، أي من قبل جميع الّذين يريدون التّحرير من الخطيئة ومن المجرّب. الّذين يريدون. هذا ما الّذي يغيّر في انتهاك الطّقس : مشيئة الشّفاء. استدعاء الكلّي القدرة لطلب السّماح والشّفاء. إستغاثته لجعل المجرّب يهرب. في لحظة التّجربة، لم تدع حواء الله ليساعدها في محنتها. لكن لو نادت حواء ربّها ساعة التّجربة، لهرب الشّيطان، إذ إنّ اللع والشّيطان لا يسكنان نفس المكان، في نفس قلب. لنتذكّر دائماً تلك الفكرة وبكلّ صدق، لندع الله. هذا الإسم هو الخلاص. لنطهّر قلبنا باستمرار، كاتبين بمحبّة هذا الإسم : الله. دون صلوت كاذبة. دون عادات روتينيّة. لكن بقلبنا، بفكرنا، بأفعالنا، بنفسنا، لنقل هذا الإسم : الله. لنقله لكي لا نكون وحدنا. لنقله لكي نكون مسنودين. لنقله لكي نسامح. لنفهم جيّداً معنى كلمة الله في سيناء : " نلفظ إسم الله بالباطل إذا لفظناه دون عمل الخير. هذه هي الخطيئة. لكن ليس بالباطل عندما تقودنا دقّات قلبنا في كلّ دقيقة في النّهار، في جميع أعماله الخيّرة، الحاجة، التّجربة والألم إلى لفظ كلمة المحبّة البنويّة : " يا إلهي، تعال !" إذاً في الحقيقة، لا نخطئ عندما نلفظ اسم الله القدّوس * م ف الجزء٢، ص.٥٠٨. .

الصّلاة، هي حديث القلب مع الله

يجب أن تكون الصّلاة حالة الإنسان الإعتياديّة. عندما نريد التّحدّث مع الله، لندخل في سلام مسكننا الدّاخلي ولنتكلّم مع ملك الملائكة. لنتكلّم مع أبانا في سرّ قلبنا ومسكننا الدّاخلي. لندع في الخارج كلّ ما ينتمي للعالم : الهوس بلفت الأنظار والتّشيد ؛ الوسواس في صلوات طويلة ملئية بكلمات، بكلمات، بكلمات، مملّة، باردة ودون محبّة. لوجه الله ! لنتخلّص من المقاييس في الصّلاة. لكي لا نمضي ساعات وساعات في مونولوج تردّده الشّفاه فقط. هذه هي حقيقة مناجاة للنّفس لا يسمعها حتّى الملاك الحارس نفسه، إلى درجة أنّها إشاعة باطلة يحاول معالجتها باستغراقه في تضرّع مضطرم للغبيّ الّذي يحرسه. في الحقيقة، هناك أشخاص لا يخصّصون هذه السّاعات بطريقة أخرى حتّى ولو ظهر الرّبّ بنفسه قائلاً لهم :" يقتضي الخلاص بأن تتركوا هذه الثّرثرة الّتي هي دون روح والذّهاب ببساطة لغرف الماء من البئر وريّ الأرض محبّة لي ولأمثالكم". في الحقيقة، لا نعتقد بأنّ مونولوجاً هو أهمّ من استقبال أديب لزائر أو المساعدة الإحسانيّة المقدّمة لمن هو بحاجة. فتعود الممارسة للوقوع في عبادو الصّلاة. إنّ الصّلاة هي عمل محبّة. نستطيع الحبّ في غسل الصّحون كما في الصّلاة بمساعدة عاجز كما في التّأمّل. يكفي بأن نُشبِعَ كياننا وفعلنا بكلّ محبّة. لا نخف ! يرى الآب. يفهم الآب. يعطي الآب ما هو واجب. كم من نعمة يعطيها لتنهّد محبّة وحيد، صادق، كامل ! يا لغزارة النّعم لتضحية خاصّة مصنوعة بمحبّة * م ف الجزء٣،ص. ١٧٢. !

أخذ الوقت للكون مع الرّبّ

لقد حفظ التّقليد المسيحيّ ثلاثة تعابير كبرى عن حياة الصّلاة : الصّلاة الشّفويّة، والتّأمّل، والصّلاة العقليّ. وبينها رابط أساسيّ مشترك هو خشوع القلب. وهذا التّيقّظ للحفاظ على كلام الله والمكوث فيحضرته يجعل من هذه التّعابير أوقاتاً مكثّفة لحياة الصّلاة * ت م ك ك ٢٦٩٩. .
الصّلاة الأكثر قداسة هي الّتي علّمنا إيّها يسوع نفسه : الأبانا. آه ! كم ستتحوّل حياتنا لو نستطيع تلاء هذه الصّلاة، متذوّقين كلّ جملة، مشاركين فكرنا وقلبنا لكلّ كلمة!
التّأمّل يحرّك الفكر والمخيّلة والإنفعال والرّغبة. وهذا التجييش ضروريّ لتعمبق اليقين الإيماني، وبعث توبة القلب ودعم إرادة اقتفاء المسيح. والصّلاة المسيحيّة تؤثّر العكوف على تأمّل"أسرار المسيح"، كما في القراءة الإلهيّة أو الورديّة. وهذه الصّيغة من التّفكير المصلّي هي ذات قيمة كبيرة، ولكن على الصّلاة المسيحيّة أن تصل إلى ما هو أبعد: معرفة المحبّة للرّبّ يسوع، والإتّحاد العميق معه * ت م ك ك٢٧٠٨. .
في الفرح كما في الألم، في السّلام كما في الحرب، إنّ فكرنا بحاجة للغطس كليّاً في محيط التّأمّل لإعادة بناء ما هدّمه العالم وتقلّبات الحياة. يجب استنفاد الصّلاة الصّوتيّة، لكن دون الإفراط. ليست لأنّها غير مستحبّة أو غير مقبولة من الله. بل إنّ الأكثر إفادة للفكر هوالعلاء الفكري، التّأمّل. لنتأمّل كماليّته الإلهيّة. لنعترف ببؤسنا. لنشكر الله الّذي ساندنا ليمنعنا من الخطيئة. لنسبّحه لمغفرتنا لعدم تركنا على الأرض. بإختصار، لنتمكّن من الصّلاة حقيقة، أي بأن نحبّ. لأنّ الدّعاء ليكون حقّاً ما يجب أن يكون، عليه أن يكون محبّة * ث يقول لنا حبرنا الأعظم يوحنا بولس الثّاني :" إنّ وقفة عبادة حقيقيّة لها أهميّة أكبر و تُنتج ثماراً أكثر روحيّة من النّشاط الأكثر جهداً، حتّى ولو كان نشاطاً تبشيريّاً. هذا هو البرهان ألأكثر طارئاً الّذي على الكهنة مواجته تجاه مجتمع أصبحت الكفاية فيه شعاراً على المذبح الذي ليس من النّادر تضحية العزّة البشريّة الخاصّة". .
يتعلّق اختيار وقت الصّلاة العقليّة ومدّتها بإرادة محدّدة، تكشف أسرار القلب. لا يقوم الإنسان بهذه الصّلاة عندما يتوفّر له الوقت، وإنّما يتّخذ الإنسان الوقت ليكون للرّب، مع التّصميم الثّابت بعدم استرجاعه في خلال المسيرة، مهما كانت المحن ويبوسة الّلقاء. لا يستطيع الإنسان التّامّل دائماً، ولكنّه يستطيع أن يصلّي دائماً صلاة عقليّة، بمعزل عن أوضاع الصّحّة، والعمل والنّوازع النّفسيّة * ت م ك ك ٢٧١٠. . المشاهدة نظرة إيمان، تحدّق إلى يسوع." أنظر إليه وينظر إليّ"، هذا ما كان يقوله في زمن خوريه القدّيس فلّح أرس المصلّي أمام بيت القربان. وهذا الإنتباه إليه هو تخلّ عن "الأنا". نظرته تنقّي القلب. ونور نظرة يسوع يضيء عيون قلبنا، ويعلّمنا أن نرى كلّ شيء في نور حقيقته وإشفا قه على جميع النّاس. والمشاهدة تحدّق أيضاً إلى أسرار حياة يسوع، فتعلّم هكذا" المعرفة الدّاخليّة للرّبّ" لنزداد حبّاً واقتفاء له * ت م ك ك ٢٧١٥. . لكن كيف نصلّي في ظلّ حياة مضّطربة أحياناً، ومتى نصلّي ؟

من أجل خلاصنا من يدي الأعداء، سنخدمه في العدالة والقداسة، في وجوده، طيلة أيّامنا

إنّ الإتّحاد مع الله، هو بكونه حاضراً كلّ الوقت، وذلك لتسبيحه وتضرّعه. إذا فعلنا هذا، عندها سنتقدّم في حياة الفكر. يُعطينا الرّبّ يوماً بكامله، يوماً مضيئاً ومظلماً : النّهار والّليل. إنّها هبة العيش والحصول على الضّوء. وطريقة عيشنا هي نوعاً من التّقدّيس. لذا، علينا تقديس أوقات النّهار بكامله للحفاظ على القداسة، حفظ في قلبنا وجود الخالق وطيبته، ونفس الوقت، إبعاد الشّيطان قدر الإمكان. لنراقب العصافير : عند أولى أشّعة الشّمس، هي تغنّي، تبارك النّور. نحن أيضاً، علينا مباركة النّور الّتي هي هبة الله. علينا مباركة الله الّذي أعطانا النّور والّذي هو النّور. التّشوّق إليه منذ وضح الصّباح الأوّل كوضع ختم النّور، علامة نور للنّهار الجاري، ليكون بكامله منيراً ومقدّساً، والإتّحاد مع الخليقة من أجل غناء الأشعنا للخالق. ثمّ، عندما تمرّ السّاعات، وكلّما مرّت، تجلب لنا إثبات ما يوجد في العالم من ألم وجهل : صلّوا أيضاً، لتخفيف الألم، لمحي الجهل، ولكي يكون الله معروفاً، محبّاً مُصلاًّ من جميع البشر، الّذين، ولو عرفوا الله، سيكونون دائماً معزّين، حتّى في آلامهم. إلى السّاعة السّادسة، الصّلاة من أجل محبّة العائلة، وتذوّ ق هذه الهبة بالكون متّحدّين مع الّذين يُحبّوننا. هذه أيضاً هبة من الله. والصّلاة من أن لا ينتقل الطّعام من طابع المنفعة إلى فرصة الخطيئة. إلى السّاعة التّاسعة، الصّلاة لأجل أن يأتي من خلال ذبيحة تلك السّاعة ملكوت الله في العالم، وأن يُكفَر خطايا جميع الّذين يؤمنون بكلمته. عند المغيب، الصّلاة مفكّرين أنّ الموت هو المغيب الّذي ينتظرنا جميعاً. الصّلاة من أن ينتهي مغيب يومنا أو حياتنا دائماً مع نعمة روحنا. وعندما تنطفئ القناديل، الصّلاة لشكر هذا النّهار ولطلب الحماية والمغفرة حتّى نستطيع النّوم دون خوف من الحكم غير المتوقّع وهجومات الشّيطان. أخيراً الصّلاة خلال الّليّل من أجل تفادي خطايا الّلّيالي، لإبعاد إبليس عن الضّعفاء، من أجل حدوث النّدم فجأةً عند المذنبين مع التّفكير بقرارات جيّدة تُصبح واقعيّة عند طلوع النّهار. هكذا كيف ولماذا يُصلّي الصّالح طيلة اليوم * م ف الجزء٤، ص.٤٥٧. . * غ على سبيل الفكاهة، عندما كان حبرنا الأعظم يوحنا بولس الثّاني يزوربلاد هنغاريا( في آب١٩٩١)، أضاف بضع كلمات على جواب، لسلام رئيس جمهوريّة لاحق، وها هي التّرجمة :" لقد أصبتم، حضرة الرّئيس، النّقطة الأهم بالنّسبة للبابا. فالتّبشير ليس الواجب الرّئيسيّ للبابا، بل الصّلاة. يجب أن يكون كلّ شيء مبنيّاً على الصّلاة. إنّ زيارتي إلى هنغاريا وعلاقاتي اليوميّة مع هذه البلاد هي طبعاً مبنيّة على الصّلاة".

من أجل إحياء فيهم أسرار حياة المسيح

من خلال حركات يسوع، ومعجزاته، وأقواله، كُشِفَ "أنّ فيه يحلّ كلّ ملء الّلاهوت جسديّا" (كو٢ ٩).
ً وهكذا ظهر ناسوته أشبه" بالسّرّ" أي العلامة والوسيلة للاهوته وللخلاص الّذي يأتي به : ما كان منظوراً في حياته الأرضيّة قاد إلى السّرّ * ظ هناك فكرتين مختلفتين حول السّرّ : الفكرة الإستهلاليّة والفكرة البولسيّة. يُقرّب آباء الكنيسة هاتين الفكرتين : ١. من الإغريق noièrmust : من خلال أو إلى ماذا نحن مطّلعين(sètsum). تشير العبارة الإغريقيّة أصليّاًعن الطّقوس الّتي هي نوعاً ما سريّة نطّلع من خلالها على ديانة، وندخل بواسطتها بعلاقة مع الإلهيّة. ٢. تبدو فكرة" السّرّ" الإنجليّة مستقلّة عن المفهوم الإغريقي." السّرّ "هو تصميم الخلاص المكتوم الإلهي ؛ متصوّر من الحكمة الإلهيّة لكلّ أبديّة، يظهر في تاريخ الخلاص ويتحقّق بطريقة رئيسيّة في تضحية المسيح، هذا" السّرّ الفصحي" الّذي يوجز كلّ" السّرّ". لقد نال الرّسل مهمّة كشف كلّ مغزى سرّ المسيح. غير المنظور في بنوته الإلهيّة وفي رسالته الفدائيّة * ت م ك ك٥١٥(مستخرجات). . لم يحيِ المسيح حياته لنفسه، بل لأجلنا. منذ تجسّده "لأجلنا نحن البشر وفي سبيل خلاصنا" إلى موته "من أجل خطايانا"(١كو١٥ ٣) وإلى قيامته "لأجل تبريرنا "(رو ٤٢٥). والآن أيضاً هولنا شفيع لدى الآب، إذ "إنّه على الدّوام حيّ ليشفع فينا"(عب ٧ ٢٥). يظهر يسوع في حياته كلّها مثالاً لنا : بتنازله قدّم لنا مثالاً لنتبعه ؛ وبصلاته يجذب إلى الصّلاة ؛ وبفقره يدعو إلى قبول اختياري للفقر والإضطهادات. نحن مدعوون إلى أن لا نكون إلاّ واحداً معه * ت م ك ك٥١٩ إلى٥٢١(مستخرجات). ؛ لذا، علينا أن نقرأ، تأمّل وعيش أسرار حداثة يسوع وحياته :
*لا يمكن الإنسان، سواءكان راعياً أو مجوسيّاً أن يصل إلى الله على هذه الأرض إلاّ بالرّكوع أمام مغارة بيت لحم وبالسّجود له متوارياً في ضعف طفل ؛
*بخضوع يسوع لمريم ويوسف، وبعمله الوضيع سنين طويلة في النّاصرة، يعطينا مثالاً للقداسة في حياة العيلة والعمل اليوميّة ؛
*إنّ يسوع، منذ بدء حياته العلنيّة، في اعتماده، هو" الخادم" المكرّس بكلّيته لعمل الفداء الّذي سيتمّ ﺑ "معموديّة "آلامه ؛
*التّجربة في الصّحراء تُظهِر يسوع ماسيّاً متواضعاً يتغلّب على إبليس بإنصياعه الكلّي لتصميم الخلاص الّذي أراده الآب ؛
*ملكوت السّماوات افتتحه المسيح على الأرض، وهو" يتجلّى على عيون النّاس في كلام المسيح وأعماله وحضوره". والكنيسة هي بذر هذا الملكوت وبَدؤه. ومفاتيحه سُلّمت إلى بطرس ؛
*تجلّي المسيح هدفه تثبيت إيمان الرّسل لأجل الآلام : الصّعود إلى "الجبل العالي" يُهيّئ الصّعود إلى الجلجلة. والمسيح، رأس الكنيسة، يُظهر ما يتضمّنه وينفحه جسده في الأسرار : "رجاء المجد"(كو١ ٢٧) ؛
*يسوع صعد باختياره إلى أورشليم وهو عالم أنّه سيموت فيها قتلاً بسبب مخالفات الخطأة ؛
*دخول يسوع إلى أورشليم يُظهر دخول الملكوت الّذي سيُتمّمه الملك الماسيّا، وقد استقبله في مدينته الأحداث ومتواضعو القلب، بفصح موته وقيامته * ت م ك ك٥٦٣ إلى٥٦٩. .

العهد مع ابراهيم

" " انطلق من أرضكَ وعشيرتكَ وبيت أبيكَ * دد لا نستطيع الإمتناع من تبديل الجملة بقدر ما تنطبق على الكائن نفسه :" إنطلق من أرضكَ،وعشيرتكَ وبيت أبيكَ" ليس لها ردة فعل فوريّة من أن يترك ما يمثّل" الأنا". إنطلق من" الأنا "يقول النّص،" للبلاد الّتي أريكَ إيّاها"، أي لملاقاتي، أنا، خالقُكَ، مخلّصُكَ وفاديكَ، وأجعلك تشارك حياتي الإلهيّة. لاحقاً، سيحدّد لنا الرّبّ :" كلّ واحد منكم إن لم يرفض جميع أمواله فلا يستطيع أن يكون لي تلميذاً." لو١٤ ٣٣ إلى الأرض الّتي أُريكَ. وأنا أجعلُكَ أمّةً كبيرةً وأُباركُكَ وأعظّم اسمكَ وتكون بركةً"(تك١٢ ١-٢). إنّ سيرة دعوة إبراهيم موجزة. يُشير إلى طريق يهوه الّذي يدعو مخاطبه إلى ترك كلّ شيء لإطاعة صوته. عند مشاهدة هذه العبارات المستعملة عن قرب، لا نستطيع إلاّ بتشبيهها بآخر سيرة التّكوين الإلهيّة :" لذلك يترك الرّجل أباه وأمّه ويلزم امرأته فيصيران جسداً واحداً". إنّ علاقة الرّبّ وابراهيم هي ذي طبع قويّ مثل علاقة الزّوجين بينهما. لا يجادل إبراهيم ؛ بعكس ردّ إقتراحات الّذي يخاطبه الغامضة، يُطيع، أيّ يسمع ويتصرّف :" فانطلق أبرام كما قال له الرّبّ ومضى ومعه لوط. وكان أبرام إبن خمس وسبعين سنة حين خرج من حاران"(تك ١٢ ٤). رأساً، قطع له الرّبّ وعداً، بأن يجعله أمّةً كبيرةً : فوراً، بدا العهد يهمّ لا شخصاً واحداً، أكبيراً كان، بل شعباً كاملاً. رغم ذلك، مرّت السّنوات مع حدوث عدّة مجريات ودون إتمام الوعد. أيضاً، وبعد مرور ملكيصادق الفريد، كاهن الله العليّ، وتقدمته للخبز والخمر(تك١٤ ١٨)، تلقّى أبرام من الله من خلال رؤيا يقين المكافأة : " لا تخف يا أبرام ! أنا ترس لكَ، وأنا أجرُكَ العظيم جدّاً". لكن أبرام، هنا وللمرّة الأولى، عبّر عن خوفه لله : "الّلهم يا ربّ ما تعطيني ؟ وأنا منصرف عقيماً . إنّكَ لم ترزقني عقباً فهوذا ربيب بيتي هو يرثني". فردّد الرّبّ الوعد بنسل كبير لأبرام، لكن بتحديد قطعي أنّ هذا الوعد سيحدث بوريث من دمه : "لا يرثكَ هذا بل من يخرج من صلبكَ هو يرثكَ(...). أنظر إلى السّماء وأحصِ الكواكب إن استطعت أن تُحصيها(...). فيكون هذا نسلُك"(تك١٥ ٤-٦). هذه المرّة، إلتمس أبرام بضمانة. وأجابه الرّبّ من خلال طقس العهد الّذي يرتكز، للمتعاقدين، بالمرور بين الحيوانات المشطورة إلى إثنين. هكذا يُطلقُ على نفسه مصير هذه الحيوانات إذا كنّا ناكثين لإرتباط. يُعبّرُ هذا الطّقس بالعبريّة من خلال عبارة" قطع العهد". " فلمّا غابت الشّمس وخيّم الظّلام إذا تنوّر دخان ومشعل نار سائر بين تلك القطع"(تك١٥ ١٧). تحت رمز النّار * رمز النّار الّذي سنجده في مقاطع نار العلّيقة(خر٣ ٢)؛ عامود من غمام(خر١٣ ٢١)؛ سيناء المدخّن(خر١٩ ١٨). ، يمرّ يهوه، ويمرّ وحده إذ إنّ عهده هو ميثاق من جانب واحد، مبادرة إلهيّة. تُمهّد سيرة أخرى بين أبرام ويهوه(تك١٧) تأكيدين مهمّين : تغيير إسم أبرام إلى إبراهيم والختان. على هذين التّغيرين أن يكونا مدروكين كبصمات نفوذ يهوه الخاصّة على شريكه. فالعهد، هو أوّلاً عمل الله الّذي يؤثّر على حليفه ؛
وهذا أيضاً، بالضّرورة، عمل هذا الحليف الّذي يقبل بعمل اللهـ فلا يقاوم ويُهدى. العهد خصب، إذ يُلزمُ وعد سلالة : يُديرُ الله نفسه، هناك حيث يبدو أنّ مجرى الأحداث الطّبيعي مسدوداً. تحت شجرة السّنديانة، تلقّى المسافرين الثّلاث، الّتي استوحت العادة منها إيحار الثّالوث، ضيافة إبراهيم الشّهمة. فالطّعام، نوعاً ما، هو طعام العهد مع الثّالوث وعند نهايته، ورغم ضحكات سارة * وو بالفعل يحدّد لنا النّص :" وكان إبرهيم وسارة شيخين طاعنين في السّنّ وقد امتنع أن يكون لسارة كما للنّساء" تك١٨ ١١. حتّى أنّ التّقدّم في السّنّ موجود في الفصل التّالي :" ألإبن مئة سنة يولد أم سارة وهي أبنة تسعين سنة تلد؟" تك١٧ ١٧. ، زوجة إبراهيم، ستتحقق نبوءة الزّائر :" في مثل هذا الوقت من قابل أعود إليكَ ويكون لسارة ابن". جعل الله إبراهيم خصباً بإعطائه إبن الوعد : إسحاق، ثمرة محبّة الله المجّانيّة وإيمان إبراهيم * Editions C.L.D. 1981, La liturgie dans l’ancienne Alliance, Dom Robert Le Gall, Introduction et ch.3 et 4. هذه الأسطر (كما التّالية) مستخرجة من .

إعادة كلّ خير لله

لكن إسحاق نفسه، الوحيد، حبيب إبراهيم، سأله الله :" خذ ابنكَ وحيدَكَ الّذي تُحبّه إسحاق وامضِ إلى أرض موريّة * يُعرّف ٢ اخ٣ ١ عن جبل موريّا حيث سيُبنى معبد أورشليم. قبلت العادة الّلاحقة هذا الموقع. وأصعده هناك محرقة على أحد الجبال الّذي أُريكَ"(تك٢٢ ٢). يظهر إسحاق عندها كحجر محك العهد، في كلا المعنيين : المعنى الخلفي، من يهوه إلى إبراهيم (الله يُعطي إبناً لإبراهيم) والمعنى السّلفي، من إبراهيم إلى يهوه( إبراهيم يقدّم إبنه إلى يهوه). كان على الله الوثوق بالّذي تلقّبه العادات اليهوديّة، المسيحيّة والإسلاميّة إسم صديق الله، من أجل إلتماسه محنة كهذه : تضحية ابنه الوحيد، هبة الله، لكن الشّرط الأهمّ لتحقيق الوعد. يعلم إبراهيم معنى عبارة" جعل صعود "أبنه : المقصود فعلاً بالمحرقة، التّي "تمرّ وتُصعد"ُ الضّحيّة قرب الله. يا له من تفتت لإبراهيم بأن يُحضّر كلّ ما هوضروري للتّضحية، والمشي ثلاثة أيّام للوصول إلى المكان المحدّد و هناك، عرض تقدمته :" فلمّا أفضيا إلى الموضع الّذي أشار له الله إليه، بنى إبراهيم هناك المذبح ونضّد الحطب وأوثق إسحاق ابنه وألقاه على المذبح فوق الحطب. ومدّ إبراهيم يده فأخذ السّكين ليذبح ابنه"(تك٢٢ ٩).إنّ معنى الحدث مجزوم. لقد ختمَ العهد إتّحاد يهوه وإبراهيم لهذا العمل المشترك، المُراد من الله، والّذي هو خصوبة الأب. ولكي يكون هذا العهد قويّاً، يجب أن يوحّد شركائه إيماناً متبادلاً، كاملاً، ويبقى تحت محك لكلّ ما يُمكن أن يحدث. إبراهيم، الّذي حصل على كلّ شيء من صديقه الإلهي- إنتخاب، وعد، إبناً- هو أكيد من الله. لذلك هو لا يتردّد بتقديمه، رغم الألم الّذي تفرضه هذه التّضحية، إبنه الوحيد، الفرصة الوحيدة لرؤيته إنجاز الوعد. الله الّذي يُعطي ويُعطى، ينتظر بأن يفعل مواجهه نفس الشّيء * طوبى للخادم الّذي يردّ إلى الرّبّ الإله كلّ خيراته. فالّذي يحتفظ بشيء لنفسه، يُخفي مال الرّبّ إلهه، ولذلك، فما كان يظنّه له يؤخذ منه. ت ١٨. ؛ هكذا، الخيرات الّتي يُعطيها العهد أهي ثانويّة نسبة للعهد نفسه، الذّي يضمّ الإنسان إلى الله. قَبِلَ إبراهيم أنّ لا المهمّة الّتي أوكلها الله إليه، ولا حلمه، الّذي كان كلّ حياته في كلّ ما لديها من ترفّع، سيتوسّط أبداً بين الله وبينه. إعطاء إبناً وحيداً، هو إعطاء أكثر من نفسه : هو الذّهاب إلى أقصى الهبة. يطلب منّا الله، في الّليتورجيّا، الذّهاب فعلاً إلى هناك. سيرفض تضحية إسحاق، لكنه يريد أن يُقدّم الوحيد. لا يريد الله دم الأولاد، لكنه لا يستطيع التّخلّي عن مجموع هبتنا. يُعطي الله كلّ شيء، لنعيد له كلّ شيء. إنّ تقدمة إبن الوعد، الّذي ترتكز عليه كلّ السّلالة، تعظّم تضحية إبراهيم.
تُعيّن المذابح طريق إبراهيم : في شكيم، إلى بلّوطة مورة(تك١٢ ٦-٧) تجلّى له الرّبّ ؛ في بيت إيل(تك١٢ ٨ ؛ ١٣ ٣-٤)، حيث يتضرّع إلى الله ؛ في حبرون، تحت شجرة البلّوط(تك١٣ ١٨) حيث بنى مذبحاً. يمثلّ المذبح ذكرى المقابلة مع الله وفي الوقت نفسه ذكرى الماضي وضمان الوعد الآتي. بالنّسبة لأب، ترتكز الّليتورجيّا لإعادة الحدث، في أماكن الّلقاء الإلهي، العهد هنا، وقد ظهر له الله، هنا، ناداه بإسمه. إنّ تضحية إسحاق هو العمل الأكثر كمالاً، الأكبر في "الّليتورجيّا" الّتي توحّد الحليفين. عندها، منذ بدء قصّة الخلاص، يظهر لنا أهمّ أساس الّليتورجيّا مرسوماً : لقاء الله والإنسان، لختم أو إعادة العهد.

إذا أخرجتَ الشّعب من مصر فاعبدوا الله

لإبراهيم، أعطاه إسحاق. ولإسحاق، أعطاه يعقوب. حوالي أربعة مئة سنة بعد يعقوب، إنّ سلالة الآباء الثّلاث مستعبدة في مصر. لكنّ الله يسهر على وعده. حضرّ رجلاً مهمّته إعادة شعبه، زوجته، إلى مكان العهد. هذا الرّجل، نعرفه : إنّه موسى. إنتظره الله في الصّحراء. ناداه الله من وسط العلّيقة وقال : "موسى ! موسى ! ... أنا إله أبيكَ، إله إبراهيم، وإله إسحاق وإله يعقوب... إنّي قد نظرتُ إلى مذلّة شعبي الّذين بمصر وسمعتُ صراخهم من قبل مسخريهم... فنزلتُ لأنقذهم من أيدي المصريين وأُخرجهم من تلك الأرض إلى أرض طيّبة واسعة، أرض تدرّ لبناً وعسلاً". لقد رأى إله الوعد مأساة هؤلاء النّاس الّذين يدعوهم شعبه، ونَزَلَ ليحرّرهم بواسطة موسى. في صنعاء، قلّما تكون العلامة الّتي يُعطيها يهوه إلى موسى لضمانة حقيقة هذه المهمّة إلاّ تجربة عكسيّة، لأنّه ليس إلاّ نفس تحقيق خلاص إسرائيل، لكن بوجه ليتورجيّ :" أنا أكون معكَ وهذه علامة لكَ على أنّي بعثتُكَ. إذا أخرجتَ الشّعب من مصر، فاعبدوا الله على هذا الجبل"(خر٣ ١٢). بالفعل، إنّ كلمة "خَدَمَ"، التّي سنلتقيها هنا، عليها أن تتّفق مع معنى الكلمة الّليتورجيّة. طبعاً، لا تتوّقف خدمة الله فقط في العمل الّليتورجيّ. غير أنّ الّليتورجيّا هي عمل موجّه شكليّاً إلى الله. تبقى الخدمة في غاية الجودة إذ إنّها تنقل، تسبيحاً لله الخالق والمخلّص، أفضل العمل البشري. إنّ الّليتورجيّا هي خدمة محترمة للمعبود. لا تهدف قطعاً إلى استعباد الله لحاجات الإنسان، ممّا يدلّ على الشّعوذة. وهي ليست أيضاً عبوديّة الإنسان لله، ممّا يدلّ إلى ديالكتيّة السّيّد- العبد. إنّ الّليتورجيّا إذاً هي خدمة الله من خلال شعب الله. فقط تُعطي الرّؤيا العلامة الخاصّة الكاملة لخدمة الله : علاقة موسومة بإحترام المحبّة، من جهة الشّعب ومن جهة الله. بالفعل، يقترب الشّعب من ربّه في العبادة لخدمته ؛ لكنّ يهوه" ينزل" نحو شعبه. يقترب منه ويظهر من خلال تدخّلاته المنقذة.
إنّ إسرائيل واعية بأنّها تُخدَمُ من ربّها. في الصّحراء، كان الدّخان المتصاعد والسّحابة البرهان على ذلك. تُشير تثنية الإشتراع هذه المودّة بين الله ونفسه :" لأنّه أيّة أمّة كبيرة لها آلهة قريبة منها كالرّبّ إلهنا في كلّ ما ندعوه ؟"(تث٤ ٧). كما أنّ ابن البشر لم يأتِ ليُخدَم بل ليَخدُمَ (متى٢٠ ٢٨). إنّ الّليتورجيّا هي حقّاً هذه الخدمة المحبّة بين الله ونحن. كما سبق وذكرنا سابقاً، لم يظهر يهوه لموسى إلاّ لقيادة شعبه لهذه الخدمة السّعيدة. بدوره، لا يُعطي موسى أيّ تبريرآخر لفرعون إلاّ خدمة يهوه. ستعود هذه العبارة بعد كلّ واحدة من المصائب المفروضة على فرعون وبلاده :" أطلق شعبي ليعبدوني في البريّة"(خر٧ ١٦ ؛٧ ٢٦ ؛٨ ١٦ ؛٩ ١ ؛١٠ ٣ ؛١٠ ٧ ؛١٠ ١١ ؛١٠ ٢٦).

عهد الأشخاص

العهد هو اتّفاق بطابعٍ قانونيّ، موحّداً بين شركيين إثنين ذاتيّين أو شَخصِيّين، هدفه تنظيم، بطريقة مستقرّة، علاقاتهما، أكان على الصّعيد المخصّص جدّاً، أو على جميع الأصعدة. نعلم بأنّ عقداً سياسيّاً أو إقتصاديّاً له فوائد محدّدة : هدفه تحصيل فوائد متبادلة للمتعاقدين. مثال العقد الأكثر كمالا هو العقد الزّوجي الّذي يوحّد زوجين" في السّرّاء والضّرّاء".ً
إله إسرائيل، الخالق والمخلّص، هو كائن شخصي له مخططات فينفّذها ؛ يريد بناء علاقات مع الكائنات البشريّة، المتحدّرين منه، لكن مختلفين عنه. إقتُرِحَ عقداَ في خلاله يبقى الفاعل الإلهي والفاعل البشري على ما هم عليه، وأيضاً يصبحون أكثر فأكثر. الّليتورجيّا هي العقد المتبادل الّذي من خلاله ينذر الله وشعبه الواحد مع الآخر، يعيدان أو يجدّدان العهد الّذي يجمعهما.
سيكون لدى العهد الّذي يقدّمه الله لشعبه عقبات سياسيّة واقتصاديّة : إذاً، عندما يُهدّد الشّعب من قبل محتلّ، عليه الّلجوء إلى إلآهه وليس إلى نجدة بلد حليف :(اش٧ ١-٩ ؛٣٧ ٣٠-٣٥) ؛ في الوقت نفسه، سيؤمّن إله العهد الخيرات الضّروريّة لبقائه وسعادته(تث٨ ١١-١٨ ؛ هو٢ ١٠-٢٤). لكن سيبقى العهد أساسيّاً الإنتماء المتبادل بين الله وشعبه ؛ طيلة الإنجيل، تُعيد عبارة العهد أنّ الله هو لشعبه وأنّ الشّعب هو لله :" أتّخذُكم لي شعباً وأكون لكم إلها" (خر٦ ٧ ؛ ار٣١ ٣ ؛ رؤ٢١ ٣ ).
نستطيع التّدوين أنّ في العهود البشريّة، بطابع وطني أو ودّي ، تأتي مبادرة الّلقاء، ثمّ الإستقرار من قبل شريك واحد أحياناً الّذي يقوم" بالخطوة الأولى" : فيولّد هكذا المشاركة، أو يعطي فرصة للمشاركة. يدعونا الله، من خلال مبادرته المجانيّة والّلطيفة، إلى جواب محبّة الّذي هو قبولاً ملائماً. منذ أن قبلنا العهد، حياتنا هي لله وحياة الله هي لنا.

اللّيترجيّا، إحتفال العهد

الّليترجيّا، في المنظور الّذي عرضناه، هي أساسيّاً العمل الّذي يقترح الله عهده لنا والعمل الّذي من خلاله نقبل بهذا العهد. هي أوّلاً عمل الله لصالحنا ؛ هي بالتّالي عملنا بالإشتراك في هذه النّعمة الّتي خُصّصت لنا. الّليترجيّا هي إذاً ختام عهد الّتي، كما هي، تستوجب عمل الشّركين المشترك. طيلة تاريخ الخلاص، ستكون إعادة الحدث أوإحتفال الإرتباط المختوم أصليّاً، تأهيله أحياناً، وفي المسيح، كماله النّهائيّ.

أسئلة

أسئلة فحص المعارف

١) عندما يرفع الكاهن للشّعب جسد المسيح قائلاً : "هذا هو حمل الله، حامل خطايا العالم"ن يُجيب الجمع بهذه العبارة المأخوذة من تدخّل الضّابط :" يا ربّ، لستُ مستحقّاً أن تدخلَ بيتي لكن قل كلمة فأبرأ"(لو٧ ٦ ؛ متى٨ ٨). يرتكز جواب الضّابط على فضائل محدّدة الّتي هي أيضاً ضروريّة للمسيحيّ لمناولة جسد المسيح. ما هي ؟
٢) "هذه هي النّصيحة الّتي يَدلّنا عليها المسيح" قال فرنسيس للسّيّد برناردو دي كوانتفالي بعد فتح الإنجيل ثلاث مرّات. هل أستطيع ذكر محتوى الرّسالة المنقولة في هذه القراءة المثلّثة ؟ في هذه الرّسالة الإنجيليّة، ألا يوجد تسلسلاً "في النّصيحة الّتي يُعطينا إيّاها المسيح" ؟
٣) تقول قاعدتنا :" كان يسوع العابد الحقيقيّ لآب : على مثاله، سيجعلون من الصّلاة والتّأمّل روح حياتهم وأعمالهم." بماذا نستطيع القول أنّ يسوع كان العابد الحقيقيّ لآب ؟

أسئلة تعمّق

١) في وقت محدّد من القدّاس، يُجيب الشّعب بصوت واحد :" إنّه لحقّ وواجب." بعد إعادة هذا الجواب في مجرى الّليترجيّا، هل بإستطاعتي القول ماهو" الحقّ" وما هو" الواجب" ؟ أخيراً، لماذا هو" لحقّ وواجب "؟
٢) نسمع أحياناً "لا أعلم أين أنا". هل حصل وقلتُ نفس الشّيء ؟ إذا نعم، كيف فعلتُ للتّركيز مجدّداً ؟ وكيف أتصرّف اليوم لإعادة الأشياء إلى طبيعتها ؟
٣) بأيّ طريقة أو طرق واقعيّة أستطيع تسبيح الله لكلّ الخير الّذي يُعطيني إيّاه ؟

أعلى الصفحة

منفذاً من www.pbdi.fr رسم من Laurent Bidot ترجمة : Myrna Lebertre